الزلازل من أسوء الكوارث الطبيعية التي قد تحدث للبشرية في أي بقعة من بقاع الأرض، ويعود ذلك إلى الكم الهائل من الخسائر البشرية والمادية الناتجة عنها، فضلاً عن فجائية حدوثها. ونحن في منطقة الخليج العربي لسنا بمنأى عن هذا الخطر، إذ تسعى الجهات المعنية في المنطقة للتخفيف من حدته من خلال الممارسات القابلة لأن تغير فكرة استحالة حدوث زلزال في منطقة شبه الجزيرة العربية.
حول إمكانية حدوث زلزال في المنطقة الخليجية تحدثنا مع الدكتور عبدالله العنزي مدير برنامج دعم مُتَّخِذ القرار لإدارة الأزمات البيئية التابع لمركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية في معهد الكويت للأبحاث العلمية.
لسنا بمنأى عن الخطر الزلزالي
عن سؤالنا حول الوضع العام للزلازل في الخليج العربي، قال الدكتور عبدالله العنزي أن الزلازل في منطقة شبه الجزيرة العربية محدودة جدًا وغير محسوسة وضعيفة نوعًا ما، فيما تكثر الزلازل في المنطقة المحيطة بشبه الجزيرة خصوصًا في منطقة جبال زاجروس التي تعد نشطة زلزاليًا وهي أكثر المناطق في العالم نشاطًا زلزاليًا، وتحدث فيها زلازل قد تؤثر على المدى البعيد على منشآتنا إن لم نتخذ الاحتياطات والمعايير الخاصة في الكود الزلزالي، وذكر العنزي أمثلة على ذلك الزلزال الذي حدث سنة 2013م والذي تجاوزت قوته 7 على مقياس ريختر وشعرت به جميع دول الخليج العربي مؤديًا إلى قلقها، وكذلك الزلزال الذي حدث في نوفمبر 2017م، والذي شعر به عدد كبير من مواطني دول مجلس التعاون واهتزت خلاله المباني، فيما تأثرت بعض المباني بتصدعات. مؤكدًا أن لهذه الزلازل التأثير على دول مجلس التعاون، أي أننا لسنا بمنأى عن الخطر الزلزالي إن لم نكن مستعدين له.
توقعات مستقبلية
وعن احتمالية حدوث زلازل في المنطقة يقول الدكتور العنزي “الزلازل جزء من منظومة الكرة الأرضية وهي تحدث منذ آلاف السنين وسوف تحدث إلى الأبد، ولا شيء ممكن أن يمنع حدوثها في منطقة الخليج العربي”.
الاهتمام بالمنشآت أفضل من التنبؤ بالزلازل
هناك عوامل قد تقلل من احتمالية حدوث الزلازل أو تأثر منطقة الخليج العربي بها، إذ يذكر الدكتور عبدالله العنزي أنه يجب علينا أن نهتم بمنشآتنا ونضع مواصفات قياسية للمباني بحيث تحد من خطر الزلازل، مشيرًا إلى أن هناك دولا كثيرة مثل اليابان تحدث فيها الزلازل بقوة 9ريختر ولكن مبانيها لا تتأثر، وفي الوقت نفسه تحدث زلازل في دول أخرى بقوة 5ريختر قد تؤدي إلى مقتل آلاف الناس ودمار عدد كبير من المباني. ويقول “يحتم علينا التركيز في منشآتنا أكثر من التركيز في التنبؤ بالزلازل نفسها”.
ويضيف الدكتور العنزي “يتطلب خطر الزلازل الشراكة والتعاون على كافة الأصعدة وذلك لحماية المنشآت الحيوية وتطور النشاط العمراني المتزايد” مؤكدًا على وجوب بذل الجهود لتوفير المعلومات الخاصة بالزلازل في المنطقة للمهندسين والإنشائيين والمخططين ومتخذي القرار بدولنا، وذلك لتحديد مواصفات هذه المنشآت والمشاريع بحيث تكون مقاومة للزلازل.
نطمح إلى شبكة رصد زلازل خليجية موحدة
وفي دول مجلس التعاون يذكر الدكتور العنزي أنه على الرغم من نجاحنا في تعزيز التعاون بيننا إلا أننا نطمح أكثر بضرورة الاعتماد على مخرجات البحث العلمي والتطوير التقني والمعلوماتي للحد من مخاطر الزلازل ومساهمة أكثر بين المؤسسات التنفيذية والجهات الأكاديمية والبحثية.
ويطمح المختصون في هذا المجال إلى أن تكون لدى دول مجلس التعاون شبكة رصد زلازل خليجية موحدة وقاعدة بيانات مشتركة للزلازل. ويشير الدكتور العنزي إلى أنه تم البدء في الخطوة الأولى، إذ تم ربط شبكات كل من دولة الكويت وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر مع بعضها وتم تبادل البيانات. معلقًا على ذلك “في المستقبل نتمنى التوسع أكثر مع دول الخليج الأخرى بحيث تكون لدينا شبكة خليجية موحدة وقاعدة بيانات موحدة يتم الاستفادة منها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في مجال البحث العلمي للحد من مخاطر الزلازل”.
الملتقى الخليجي للزلازل
وحول الملتقى الخليجي للزلازل يذكر الدكتور عبدالله العنزي أنه لأهمية مجال الزلازل تم تنظيم هذه الملتقيات والتي كان أولها في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 2004، وتم جني ثمارها، مضيفًا “من خلال تلك الملتقيات عززنا جسور التعاون بين مؤسساتنا العلمية ومراكز الرصد الزلزالي، إذ تم توقيع اتفاقيات تعاون وتوسعنا في قنوات التواصل وبدأنا في تبادل البيانات الزلزالية وربط محطاتنا، كما بذلنا جهودًا مشتركة لتدريب الكوادر الخليجية، وتنظيم الورش والدورات والملتقيات والمشاركة في الأبحاث العلمية والنشر العلمي المشترك. إضافة إلى أننا ساهمنا في إشراك المجتمعات والهيئات البحثية والأكاديمية والجهات التنفيذية لوضع خطط للحد من مخاطر الزلازل والقدرة على التعامل معها والتعافي من آثارها، كذلك قامت مؤسساتنا ذات العلاقة بتشجيع ودعم الأبحاث المتعلقة بالزلازل ومخاطرها والاهتمام بالكود الزلزالي للمباني في دول مجلس التعاون”.
ومن ثمرات تلك الملتقيات على مستوى الدول يذكر الدكتور العنزي أنه أصبح هناك اهتمام أكثر في تطوير شبكات الرصد وبدأت الدول في إنشاء مراكز رصد بتكنولوجيا حديثة.