التشخيص المبكر ينقذ طفلك من التوحد
“لاحظت تصرفات غريبة على طفلي الذي لم يبلغ بعد عامه الثالث، فهو لا يشارك أقرانه اللعب، ويظل صامتًا، وأحيانًا يهز جسمه بشكل متكرر وبالطريقة نفسها، هل طفلي يعاني من مرض أو اضطراب سلوكي؟” السؤال طرحته أم قلقة على فلذة كبدها، فحملنا السؤال وطرحناه على الدكتور يحيى بن محمد الفارسي، مساعد العميد للتدريب وخدمة المجتمع بكلية الطب والعلوم الصحية ورئيس الجمعية العُمانية للتوحد، فشخص الداء وكتب العلاج.
يقول الدكتور يحيى الفارسي: التشخيص المبدئي، بناء على الأعراض التي ذكرتها الأم، يمكن أن نقول إنه يعاني من “طيف التوحد”، لكن لابد من عرض الطفل على أخصائي ليفحص الحالة، وعمومًا التوحد أو اضطراب طيف التوحد هو اضطراب نمائي تطوري، يؤدي إلى حدوث مشاكل لدى الطفل في كيفية الاتصال بمن حوله، واضطرابات في اكتساب مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي، ويعدُّ من أكثر الأمراض الشائعة التي تصيب الجهاز التطوري للطفل، ويظهر مرض التوحد خلال الثلاث السنوات الأولى من عمر الطفل، ويصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة 4 إلى 1.
ـ إذن ما أعراض التوحد ومضاعفاته؟
يؤثر التوحد على النمو الطبيعي الاجتماعي واكتساب مهارات التواصل مع الآخرين، إذ عادة ما يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالتوحد صعوبات في التواصل اللفظي وغير اللفظي والتفاعل الاجتماعي، كما تؤدي الإصابة بالتوحد إلى صعوبة في الارتباط بالعالم الخارجي، إذ يمكن أن يُظهر المصابون بهذا الاضطراب سلوكًا متكررًا بصورة غير طبيعية كأن يرفرفوا بأيديهم بشكل متكرر، أو أن يهزوا جسمهم بشكل متكرر، كما يمكن أن يظهروا ردودًا غير معتادة عند تعاملهم مع الناس أو أن يرتبطوا ببعض الأشياء بصورة غير طبيعية كأن يلعب الطفل بسيارة معينة بشكل متكرر وبصورة غير طبيعية، ومن بين الأعراض المصاحبة لاضطراب طيف التوحد أيضًا: البكاء المتواصل، الصراخ الدائم، الحركة المفرطة، اضطراب النوم، ضعف التواصل البصري، ضعف الفهم والإدراك، ضعف التركيز والانتباه، العدوانية، إيذاء النفس.
ـ وماذا عن العلاج المتاح لطيف التوحد؟
تشخيص الاضطراب في وقت مبكر من عمر الطفل يساعد بنسبة 30% من العلاج، إضافة إلى توفير خدمات تأهيلية في مراكز متخصصة تقوم بعمل التدخل المبكر ومساعدة الطفل تبعًا لمستواه العمري والإدراكي، كما أن توفير خدمات تعليمية ذات كفاية مقبولة في المدارس الحكومية أو الخاصة من خلال مناهج خاصة ومدرسين مؤهلين”، كل ذلك يساعد في التخفيف من حدة التوحد.
ـ نعلم أن بجامعة السلطان قابوس “فريق أبحاث التوحد”.. حدثنا عنه بالتفصيل؟
يضم فريق أبحاث التوحد عددًا من الباحثين والمختصين في مجال الطب السلوكي والصحة العامة وعلوم التغذية والجينات والكيمياء الحيوية والتربية الخاصة والعلوم الاجتماعية والنفسية، وتشرف الفريق بالحصول على ثلاث منح بحثية أهمها المنحة السامية للأبحاث الإستراتيجية والممولة من المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم، وقد أجرى الفريق ونشر قرابة عشرين بحثًا علميًّا محكمًا وأشرف على ثلاث رسائل ماجيستير، كما أنه يشرف حاليًّا على رسالتين لنيل درجة الدكتوراه في مجال اضطراب طيف التوحد، ونال الفريق عدة جوائز وشهادات تقديرية، فضلا عن أن له مشاركات مستمرة في المؤتمرات العلمية العالمية، كما نظم الفريق عددًا من الندوات والمؤتمرات الخاصة باضطراب التوحد، وهو يتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة في كل ما من شأنه خدمة الأطفال المصابين باضطراب التوحد.