استمعت إليهم: دُعاء الوردية
عندما نتحدّث عن “الإنترنت” كمكوّن رئيس لحياتنا ندرِك أن الأمر تجاوز الاستعراض السطحي للنقلة الكبيرة التي حقّقها إلى البحث في قضايا أخرى أكثر تجذّرًا تسّبب في تشكيلها، فقد أصبح الآن يملك سِجلّات جامعة لتاريخ الفرد ومعلوماته الخاصّة، ابتداءً من تفضيلاته للطعام، وليس انتهاءً بطبيعة علاقاته الاجتماعية. وهذا يعني أن كيفيّة استخدام الفرد له ودرجة كشفه لخصوصياته وطبيعة المحتوى الذي يشاركه وحتّى المواقع الشرائية التي يقصدها أصبحت جميعها تُحدِّد مستوى الأمان الذي سوف ينعم به. في هذا التحقيق: نقترب من القضية عن كثب.
يقول حسين البحري، طالب بتخصص الفيزياء بكليّة العلوم، أنه بحكم معرفته لحدود الأشخاص الذين يتشارك معهم يومياته وتفاصيل حياته فإنه لا يرى أن مواقع التواصل الاجتماعي تفقِده خصوصيته، ويُحمّل الشخص كامل المسؤولية في طبيعة المحتوى الذي يقرر تشاركه مع الآخرين. أما عند استخدامه لمواقع الشراء العالميّة فهو يحرص على أن تكون موثوقة من خلال الاستفسار عنها ومعرفة طبيعة المعلومات البنكيّة المطلوبة عند الدفع. ويشاركُه الطالب يونس الصلطي الطالب بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بتخصص الإذاعة والتلفزيون نفس وجهة النظر حيال خصوصيته في مواقع التواصل؛ إذ إنه نادرًا ما يُظهِر خصوصياته عليها ولا يستخدمها إلا للترفيه والتسلية، ويصرّح الصلطي بأنه حذر جدًّا عند التعامل مع مواقع الشراء الإلكترونية. ويضيف عمّار المحروقي، طالب بكليّة الآداب والعلوم الاجتماعية بتخصص السياحة، أنه لا يستخدم غالبًا إلا المواقع المصّدقة والموثوق بها من وزارة التجارة والصناعة عندما يقوم بالتسوق الإلكتروني. أما يونس العبري، طالب بتخصص الإعلان والعلاقات العامة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، فيقول عن وسائل التواصل الاجتماعي أنها لا تُجبِر الشخص على كسر خصوصيته إلا برغبته هو، إذ تتيح له العديد من الخيارات التي لن يتمّ تفعيلها إلا بموافقته ومنها مشاركة موقعه الجغرافي وتصوير يومياته ومشاركة صوره الخاصّة، وكل أنماط التفاعل هذه حتّى لو كان المستخدم يراها بأنها عادية فإنها تدخل ضمن نطاق مشاركته لخصوصياته، وحول تعامله مع المواقع الشرائية فهو لا يتعامل إلا مع المواقع المعروفة والموثوقة، لذلك فهو لا يظن أنها ستأخذ أي بيانات بنكيّة نظرًا لأن الأمر سيؤثر على صورتها الذهنية لدى العملاء، في حين أن هنالك مواقع وهمية تأخذ البيانات البنكية وتقوم بسرقة الشخص لذلك على المستخدم أن يفرق بين الموقع الآمن وغير الآمن قبل أن يكتب بياناته.
وتُفصِح مارية البيماني طالبة بتخصص الصحافة والنشر الإلكتروني بجامعة السلطان قابوس عن حذرها التام عند تعاملها مع وسائل التواصل الاجتماعي، وتضيف “لا أكذب إن قلت أنني أعاني من تشككي في مصداقيتها، حتّى أن الكاميرات الأماميّة نادرًا ما أقوم باستخدامها، كما أنني أمنع وصول بعض التطبيقات إلى الأستديو. ولا أرسل ما يمسّني شخصيًا ولكن ما له علاقة فقط باهتمامات الناس”.
وتتعجب من استياء بعض الأشخاص من التدخّل في خصوصياتهم في حين أنهم أنفسهم قد سمحوا بمشاركتها للغير، إذ إن الشخص بمجرّد وضعه لبياناته الشخصية هذا يعني أنه موافق على تداولها واستخدامها. وتقول البيمانية أن هذا هو شرع وسائل التواصل الاجتماعي فطالما أنك لم تخبّئ متعلّقاتك فكيف تطلب من الآخرين حمايتك. وتوصي بضرورة ألا نضع أرقام هواتفنا الشخصية للعلن ولا نفعّل الخرائط التي تتبع مكان السكن.
في حين يقول البحري أن وضعنا لبياناتنا الشخصية العامة على مواقع التواصل مهم للغاية، وذلك لأن وجودها سيسهل الوصول بشكل كبير لكل ما يتعلّق بالمجال الذي يهتم الفرد به من أفراد ومؤسسات ومجموعات، وأن الطريقة الصحيحة لعرض البيانات الشخصية والاستمرار في تعديلها أو تغيير طريقة عرضها يؤمن لنا عدم تعرضنا للمضايقات ويزيد من كفاءة استخدامنا لهذه المواقع.
يُذكر أنه كثيرًا ما يُثار حول مواقع الشبكة المعلوماتية، سواءً أكانت مواقع اجتماعية أم شرائيّة بأنها تقوم باستغلال بياناتنا التي نضعها عليها لصالح الشركات الإعلانية. ماذا يقول الطلبة إزاء هذا الأمر؟
يشير المحروقي إلى الرابط بين استخدام محرّكات البحث وتوافد البوابات الإعلانيّة المرتبطة بذات المادة التي سبق البحث عنها في أماكن أخرى على المتصفح على نحو يثير التساؤل، وينصح بالتحقق من المواقع الإلكترونية التي يقصدها الفرد للشراء على أن تكون موثوقة من قِبل الوزارة، ويُفضّل فتح حساب بنكي خاصّ للشراء الإلكتروني فقط. فيما يزعم العبري قيام منصات التواصل الاجتماعي باستخدام المعلومات الشخصية للأفراد والمعلومات المتعلّقة باهتماماتهم لأغراض إعلانية، ويضيف “هذا شيء ألامسه جدًا؛ إذ إن الإعلانات التي تظهر لي تكون مشابهة لتوجهاتي واهتماماتي”.
وحول الاستخدام الآمن لمواقع على شبكة الإنترنت بما فيها مواقع الشراء يوّضح البحري أن الاستخدام الأمثل يبدأ بوضع البيانات الدقيقة ومحاولة تجنب تكرار البيانات باختلاف المنافذ إلى جانب التأكد من رموز المرور وتغييرها باستمرار. ويضيف أن معرفة تجارب الآخرين في استخدام هذه المنافذ يوفر الكثير من الوقت والجهد ويوضح الصورة العامة قبل الانخراط في أي عملية شراء. وينصح الصلطي بالتأكد من هوية منافذ البيع وقانونيتها وعدم السماح لها بأخذ البيانات الشخصية إلا بعد تأكيد الشراء.