X638311283768843821

 

 

Anwar-Banner

يوسف الهنائي، قصة إرادة تتخطى التحديات

  • حاورته: عائشة بنت ناصر البوسعيدية 

 

قليلون هم الذين يحوّلون شغفهم إلى أثر، وقليلون أكثر من يجعلون من التحدي طريقًا للابتكار. هنا يثبُت أن الإصرار يصنع الفارق، وأن الإعاقة الحقيقية للأشخاص ذوي الإعاقة ليست في الجسد بل في غياب العزيمة. فضيف حوارنا اليوم سار بكرسيه المتحرك عبر رحلة امتدت من شغف طفولي بالتقنية، وتدرّج حتى أصبح شريكاً مؤسِّساً ورئيساً تقنياً لشركة متخصصة في تطوير البرمجيات وأنظمة الذكاء الاصطناعي.  إنه الخريج يوسف بن خالد الهنائي من كلية العلوم، تخصص تطوير برمجيات. الحاصل على المركز الأول على مستوى سلطنة عمان كشركة يديرها ذوي الإعاقة.

 

  • سطر البرمجة الأول...

يقول يوسف: من عمري 10 سنوات حصلت على أول لابتوب خاص بي، ومن هناك بدأت رحلتي مع التقنية. في عمر 12 سنة كنت أستخدم أطر عمل جاهزة لبناء مواقع وتطبيقات بسيطة، وفي سن 14 تعلمت أول لغة برمجة، وهنا بدأت أعتبر التقنية جزءاً من حياتي اليومية وليس مجرد هواية.

 

  • عندما يصبح التحدّي بوابة الابتكار...

يذكر الهنائي بداية مرضه قائلًا: في بداية دراستي الجامعية وبسبب حالتي التي تزداد سوء يوم بعد يوم. واجهتني تحديات صعبة ، وهي عدم قدرتي على الحكم بالكيبورد والماوس بشكل صحيح، خصوصًا وتخصصي يعتمد بشكل كبيرعلى التعامل مع الكمبيوتر والتقنية. كان من الممكن أن أتوقف، لكنني قررت أبحث عن حل يناسب وضعي بدلًا من الاستسلام. يضيف: وبعد فترة من البحث، وجدت برنامجاً اجنبي للتحكم بالكمبيوتر عن بعد، لكنه لم يكن مناسباً لاحتياجاتي. فتواصلت مع الشركة المطوّرة، وشرحت لهم حالتي، واقترحت التعاون معهم لتحسين البرنامج، خصوصًا أن لدي خبرة في البرمجة.
وفعلاً بدأنا العمل معاً، وتمكنا من تطوير نسخة أفضل تتيح التحكم الكامل بالكمبيوتر عن طريق الهاتف، وبطريقة تناسب حالتي وتسهّل على غيري من المستخدمين أيضاً. بالنسبة لي، كانت تجربة أتعلم منها، وحاولت فيها ايجاد حلول تناسبني لكي أكمل عملي ودراستي بشكل طبيعي.

 

  • حلول تخدم آلاف المستخدمين العرب...

ويُكمل يوسف قائلًا: بعد الانتهاء من مشروعي الأول، لاحظت أن كثيراً من المستخدمين العرب يواجهون صعوبة مع البرامج الأجنبية بسبب اللغة. فبدأت أعمل على تعريب البرامج والمواقع الإلكترونية، ليس بهدف الترجمة فقط، بل لتوفير تجربة استخدام أسهل وأكثر وضوحاً للمستخدم العربي. ومن أبرز مشاريعي التي أفتخر بها:لاحظت أن أغلب المواقع تعرض التواريخ بصيغ أجنبية مربكة للمستخدم العربي، فطوّرت أداة أسميتها "حزمة رقم"، وظيفتها تحويل التواريخ الأجنبية إلى عربية بشكل تلقائي وسلس، دون أن يضطر المستخدم لاتخاذ أي خطوات إضافية. هذه الفكرة ساعدت على تنظيم وتسهيل تجربة التصفح وجعلها أكثر وضوحاً وسهولة. 

 

  • كيان تقني ينافس في الأسوق التقنية...

يواصل الهنائي حديثه قائلًا: اليوم أنا شريك مؤسِّس ورئيس تقني لشركة "صَيْر للتقنية"، وهي شركة متخصصة في تقديم الحلول الذكية والمبتكرة التي تواكب متطلبات العصر الرقمي. نطوّر أنظمة برمجية متقدمة باستخدام أحدث التقنيات، بهدف تمكين الأفراد والشركات من تحقيق الكفاءة وتعزيز التحول الرقمي. بدأت فكرة الشركة كمبادرة طلابية ضمّت 15 طالباً، وكانت انطلاقتنا من منصة "إنجاز عُمان".بعد فترة، قمنا بإعادة هيكلة الشركة وتسجيلها رسمياً وخروج المنتمين لها الى حين أصبحنا الآن 3 شركاء مؤسّسين فقط. نفذنا مشروعين ضخمين: الأول: بيع لأحد الجهات، يختص بحلول الذكاء الاصطناعي، الثاني: ما زال قيد التطوير. بالإضافة إلى تطوير عدد من الأنظمة المبسطة للمؤسسات الصغيرة. وفي يونيو الماضي، فازت الشركة بالمركز الأول على مستوى عمان كأفضل شركة تُدار من قبل ذوي الإعاقة، وهو إنجاز أعتبره البداية.

 

  • حين يصبح الوقت هو التحدي الحقيقي...

يؤكد يوسف ان الرحلة لا تخلو من التحديات قائلًا: أكبر تحدي واجهته كان إنجاز المهام بسرعة كافية، خصوصاً مع ضيق الوقت وكثرة المتطلبات التقنية. لكن تعلمت كيف أتعامل مع الوقت بطريقة مختلفة، وكيف أبحث عن حلول بديلة تعوّض بطء الحركة بكفاءة الإنجاز.  ندرك في النهاية ان يوسف ليس مجرد تجربة مع التقنية، ولا رحلة عابرة في عالم البرمجة، بل هي دليل حيّ على أن الشغف حين يقترن بالإصرار، يصبح قادراً على صناعة واقع جديد لا يشبه الآخرين. واليوم، لا ينظر إلى ما حققه على أنه محطة وصول، بل يراه نقطة انطلاق نحو مرحلة أكبر، يبني فيها أثرًا لا يزول، ويثبت فيها أن النجاح لا يحتاج شروطًا مثالية، بل إرادة صادقة، وفكرة تؤمن بها، وطريق تبدأه مهما كان مختلفًا، ويختم يوسف حديثه بجملة قائلًا: التخرج ليس نهاية الطريق… بل بداية الحلم. 

 

About the Author