أعداد:
- العنود بنت يعقوب المسكرية
- فاطمة بنت راشد المحروقية
- وجدان بنت خلفان الكثيرية
- رمضان شهر الألفة والمودة والمحبة..
لا يمر هذا الشهر مرور الكرام على المجتمع الإسلامي أبدًا؛ لأنه شهر يتجلى فيه الخير والفضل والأجر العظيم، فكل مجتمع يزخر بالعادات والتقاليد الرمضانية التي تميزه عن المجتمعات الأخرى، ففي دول الخليج العربي هناك عادات وفي الشام عادات أخرى وهكذا مع بقية المجتمعات، ولكن الروحانية الرمضانية واحدة للجميع.
فهذه العادات ماهي إلا لمسات تضفي لرمضان جمالية واختلاف، وعند تسليط الضوء على مجتمعنا العُماني نراه يتسم بجملة من العادات الرمضانية الأصيلة التي يحتفظ بها ويتمسك بها جيل بعد جيل.
فنرى أبناء المجتمع مستعدين لاستقباله بقلوب صادقة ونفوس صافية وفرحة عظيمة تملأ كل المنازل اشتياقاً لروحانيات هذا الشهر العظيم.
فديتك زائراً في كل عام
تحيا بالسلامة والسلامِ
وتُقْبِلُ كالغمام يفيض حيناً
ويبقى بعده أثرُ الغمامِ
هذه العادات الرمضانية ماهي إلا أثراً يبقى في نفوس الأفراد صغاراً وكباراً، أثراً يزرع الحب والشوق لهذا الشهر الكريم، فهو الشهر الوحيد في السنة الذي نعد أيامه حزناً على فراقه.
- ولكن هل العادات الرمضانية تتشابه في كل محافظات سلطنة عمان؟
بالتأكيد لا، فاختلاف البيئات العمانية وتنوعها المزدهر يفرض على أبنائها الاختلاف، وهذا الاختلاف يميز ويكمل الآخر ولا يناقضه بتاتا، فنجد أن الفكرة واحدة ولكنها بمسميات متباينة.
وتشتعل الأضواء الرمضانية في أرجاءِ عُمان لتُنير الطريق المُترقب للدخول في الشهر الفضيل بدايةً من شهر شعبان، فنرى ولاية صور تتألق بأزهى حلتها وتفتح أبواب بيوتها بعطف وحنان للترحيب بالأطفال والاحتفاء بيوم "الشعبانية" الذي يصادف يوم ١٥ من شعبان، حيث يستعد الأطفال بالملابس الجديدة ليخرجوا في رحلة تُرافق فيها ضحكاتهم نسمات الصباح الباكر المصحوب برائحة الطفولة. ويطرقون أبواب البيوت بالأغاني والترديدات الشعبية مثل " شعبانية، رمضانية، اعطونا حق الوقفة" فيقدم الأهالي للأطفال من خلال الشعبانية مبالغَ مالية يطيروا بها فرحاً، وترتفع معها أحلامهم الصغيرة بأجنحة البهجة والسرور.
ومن أرض اللبان، صلالة، يستعد الناس بفرح وبهجة لاستقبال شهر رمضان المبارك، حيث يتناثر الأمل في كل زاوية بقدوم فعالية "قتل حنش" كشعار للقضاء على سموم النميمة والغيبة، حيث يتجمع الأهل والأحباب في لم شمل عائلي مميز، لتشكيل شبكة من المحبة والتلاحم. يُنعش من خلالها المشاركون روح التآزر والتعاون بصُنع وتقديم أشهى الأطباق التقليدية، وتبادل الفرح والسرور في أجواء ساحرة تعكس روح التسامح والتفاؤل لتستقبل شهر الصوم الكريم.
وتتعالى أصوات التكبير والتهليل في باقي محافظات عمان تعظيماً للشهر الفضيل، وترافقها بعض العادات المتأصلة بالأجواء الرمضانية، كتجمعات المساجد للإفطار الجماعي للذكور، حيث يساهم كل بيت بتقديم وجبة أو اثنتين إلى المساجد، بجانب تبادل الأطباق بين الجيران لضمان استمرار تنفس هذه العادة، والتي باستمرارها تستمر الألفة والرحمة في المجتمع العماني.
كما تضج المحافظات بأصوات المساجد في صلاة التراويح و يزداد رونقها سحراً في العشر الأواخر من رمضان بإقامة صلاة قيام الليل، حيث تُرحب المساجد بالنساء لأداء صلاة الجماعة واستشعار لحظات الخشوع والروحانيات الرمضانية في قلب واحد بأجساد مختلفة.
أما في الباطنة فتقام فعاليات متنوعة حيث نجد تشجيعاً خاصاً للأطفال في شهر رمضان إيماناً بضرورة تنمية قدرات وإمكانيات الأطفال في مجال التجارة، من خلال إقامة فعالية "التاجر الصغير" كل يوم خميس وجمعة لتشجيع الاطفال على تطوير مهاراتهم التجارية والتسويقية بعد أداء صلاة التراويح وبجانب الجامع. حيث يقوم الأهالي بتشجيع التُجار الصغار ودعم متاجرهم الصغيرة والشراء منها. وعند حلول نهاية الشهر يتم تكريم جميع الأطفال المشاركين في الفعالية بجانب اختيار أفضل تاجر صغير.
وقرنقشوه يا ناس أعطونا شوية حلواه، كلمات يرددها الأطفال في منتصف الشهر الفضيل وهم يمرون بين أروقة المنازل المختلفة داخل القرى العمانية. وتعد محافظة مسقط من أكثر المحافظات احتفالاً بهذه العادة، إذ يخرج الأطفال بعد صلاة المغرب وعند الانتهاء من وجبة الإفطار حاملين معهم أكياسهم الكبيرة و يمشون في مجموعات يهتفون بكلمات للحصول على القرنقشوه. تعد عادة القرنقشوه بمثابة العيد لدى الأطفال فيتوجهوا إلى زيارة المنازل للحصول على الحلويات والنقود، وتختلف هذه الهدايا من منزل إلى أخر مواكبة لتطورات العصر ورغبات الأطفال، ويعود الأطفال في نهاية اليوم إلى منازلهم ترافقهم ابتساماتهم وضحكاتهم وأكياسهم المليئة بكل ما هو جميل في نظرهم.
نجد هذا الشهر الفضيل الذي يزور المسلمين في كل سنة بأنه يعزز الروابط الاجتماعية وينشر الروحانية والتسامح بينهم، وعُمان تتميز بمختلف العادات في هذا الشهر المبارك. حيث يسود بين أبناء السلطنة التعاون والعطاء والسخاء فيما بينهم،، إيمانا منهم بأهمية المحافظة على هذه العادات والتقاليد التي بدورها تؤدي للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز قيم التسامح والتعايش في المجتمع العماني.