جائحة كوفيد 19 وتأثيرها على الأطفال المرضى بالسكري
- د. حسين الصفار- طبيب استشاري بقسم صحة الطفل- المستشفى الجامعي.
يحتفي العالم باليوم العالمي للسكري في الرابع عشر من نوفمبر سنويا، وقد بدأ هذا الاحتفال عام 2006 لإحياء ذكرى العالِمَيْن "فريدريك بانتنج" و"تشارلز بست"، مكتشفين الأنسولين عام 1922، والمستخدم في علاج داء السكري ويتم من خلال هذا الاحتفال بالتوعية بالمرض من ناحية التشخيص والعلاج وتجنب المضاعفات.
وإذ إن الوضع استثنائيٌّ هذه السنة بسبب جائحة كوفيد-19، ارتأيت الإشارة إلى تأثير الجائحة على الخدمات الصحية المقدّمة للأطفال الذين يعانون من مرض السكّري مستعرضا بعض الطرق التي استحدثت لتقديم أفضل الخدمات الطبية، لتذليل الصعوبات التي واجهتها بعض عوائل المرضى من خلال تقديم النصيحة والاجابة عن تساؤلاتهم.
لا يخفى على القرّاء الأفاضل، أن داء السكري هو ثاني الأمراض المزمنة التي يعاني منها الأطفال، ويتطلب عناية خاصة بالمريض من ناحية مراقبة مستوى السكر في الدم بما لا يقل عن خمس مرات في اليوم، ومن ثمّ مراعاة كمية الكربوهيدرات التي يتم تناولها في كل وجبة كي يتم حساب جرعة الأنسولين بما يتلاءم مع كميات الكربوهيدرات المتناولة في كل وجبة، مما يتطلب مجهودا كبيرا سواء من الطفل نفسه أو من عائلته.
وبعد أن صدرت تعليمات في عديد من بلدان العالم، إلى توخّي الحذر لتقليل عدد المصابين بالفيروس، عمدت بعض المؤسسات الصحية إلى تقليص الخدمات الصحية المقدمة من خلال العيادات الخارجية والاقتصار على تقديم الخدمات الإسعافية والطارئة فقط، كما طُلبت بعض الأطقم الطبية المعالجة للسكري إلى العمل في وحدات طبية أخرى لمساندة الخدمات الطبية الطارئة المتعلقة بعلاج مرضى كوفيد-19. وقد اضطرّت الجهات الحكومية في بعض الدول إلى الإغلاق التام لبعض المدن وحضر التجول للسيطرة على انتشار الوباء؛ مما أدّى بالنتيجة إلى اضطراب الخدمات المقدّمة لمريض السكري.
سارعت المؤسسات الصحية في العالم للبحث عن البدائل لتقديم الخدمات، ومد جسور التواصل مع المرضى. فكان للعيادة الافتراضية الدور البديل الأبرز، ومن خلال بعض المنصات الإلكترونية تم اللقاء مع المرضى وذويهم ومتابعة حالتهم الصحية والاطلاع على قراءات السكر من خلال وسائل التكنولوجيا التي تتيح مشاركة المعلومات المخزّنة في أجهزة قياس السكر عن بعد، ومن ثم كان آمنًا تعديل جرعات الدواء، والتنسيق مع القسم الصيدلي لتوفير العلاج. كان لهذا العمل أثرا إيجابيا ممتازا جدا بتقليل الحالات التي تستدعي دخول المستشفى بسبب اضطراب مستويات السكر من ناحية الارتفاع والانخفاض.
وكانت عيادة سكري الأطفال في مستشفى جامعة السلطان قابوس من العيادات السباقة والرائدة في هذا المجال سواء على مستوى سلطنة عمان أو على مستوى الدول العربية، ومن خلال استبانة تم ملؤه من قبل 49 عائلة، أشار المشاركون إلى ارتياحهم باستعمال العيادة الافتراضية، وتمنّى معظم المشاركين (92%) استمرار نظام العمل بالاستشارة عن بعد؛ إذ إن ذلك يعد بمثابة زيارة الطبيب لبيت المريض بدلا من أن يتعنّى المريض لزيارة الطبيب متحملا بذلك الأخير مخاطر الطريق واحتمالية انتقال العدوى عند الاختلاط مع مرضى آخرين في صالات الانتظار بالمستشفى.
إن من يعاني من أمراض مزمنة كالسكري يكون أكثر عرضة من غيره للمعاناة من مضاعفات كوفيد-19، لذا وجب العمل بمبدأ "الوقاية خير من العلاج"، وهنا يبرز دور المؤسسات الصحية الناجحة بتثقيف مرضاها ومعالجتهم بأجود الطرق المتاحة بأقل خسائر وتكاليف.
About the Author