X638311283768843821

 

 

anwar bannar (2)

 

 

 

الإحصاء في حياتنا

19 Oct, 2020 |

صورةداخلية...

  • د/ خضر محمد عبد الباسط - رئيس قسم الإحصاء - كلية العلوم.
     

 

في غياب الإحصاء تصبح برامج التنمية عمياء ويتعذر على راسمي السياسات التعلم من تجاربهم، كما يتعذر على الجهات المعنية محاسبتهم”.

مترجم بتصرف من تقرير البنك الدولي حول مؤشرات التنمية لعام 2000

 

تنظم اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة الاحتفال الثالث باليوم العالمي للإحصاء في العشرين من أكتوبر 2020 تحت شعار “ربط العالم بالبيانات التي يمكن الوثوق بها”، كما وجه الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة باستخدام اليوم العالمي للإحصاء لتسليط الضوء على دور الإحصاء في النهوض بالتنمية المستدامة للجميع. فما هو الإحصاء، وما هو دوره وما هي البيانات التي يمكن الوثوق بها؟

الإحصاء: ورد لفظ أحصى ومشتقاته في القرآن الكريم في أحد عشر موقعًا جميعها بمعني العد والحصر والإحاطة. ولما كانت هذه الإحاطة الإلهية غير متوفرة للبشر، لأن معرفتهم مهما بلغت فإنها جزئية ومحدودة، لجأوا لاستخدام هذه المعرفة بالجزء (العينة مثلًا) لاستنباط بعض معالم وخصائص الكل (المجتمع) وهذا هو مجمل مجال علم الإحصاء كما نعرفه اليوم.

على المستوى الفردي، يعتمد كل فرد منا فيما يتخذ من قرارات في حياته اليومية على ما تراكم لديه من معرفة وتجارب سابقة في حياته، فلكل إنسان نظامه الداخلي الخاص لاتخاذ القرار. يتشكل هذا النظام من الموروث والميول الشخصية والتجارب السابقة ولا يضير استخدام هذا النظام ما دام متخذ القرار وحده، دون غيره، هو من يتحمل نتائج قراره. أما إذا تعلق الأمر بالغير، أو أثرت تبعاته على الغير فلا بد من أسس واضحة ومتفق عليها لاتخاذ القرار. وتعتمد هذه الأسس في المقام الأول على تحليل ما يتوفر من بيانات ومعلومات حول الموضوع.

تشكل البيانات والمعلومات المتوفرة أو التي تجمع خصيصًا للغرض أهم الأسس التي تبني عليها القرارات والسياسات المجتمعية، خاصة في عالم اليوم الذي توفرت فيه سبل جمع البيانات والمعلومات بصورة لم تتوفر من قبل.

من هنا نبعت أهمية علم الإحصاء في حياتنا اليومية، ذلك لأنه فرع المعرفة المختص بالبحث النظري والتطبيقي في مجال:

استنباط وتطوير منهجية جمع البيانات وتصميم التجارب والمسوح.

تحديد حجم التجربة أو المسح بما يناسب أهداف البحث ومستوى الدقة الضروري للنتائج.

تحديد البيانات المطلوبة بناء على أهداف البحث وعليه وضع وصياغة الأسئلة المناسبة.

استنباط وتطوير طرق عرض وتلخيص البيانات.

استنباط وتطوير طرق تحليل البيانات واستخلاص النتائج وتفسيرها.

قياس مدى موثوقية النتائج.

دور الاحصاء :للتدليل على دور الاحصاء في مختلف جوانب حياتنا اليوم، ما علينا إلا الاطلاع على الصحف اليومية والمجلات أو متابعة نشرات الأخبار أو النشرات الإحصائية الدورية التي يصدرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات وغيره من المؤسسات الحكومية والخاصة. نرى في جميع هذه المصادر وغيرها، كمًا هائلًا من الأرقام والجداول والرسوم البيانية التي تصف نشاطًا بشريًّا اقتصاديًّا كان أو اجتماعيًّا أو علميًّا، وتتخذ حزمة من السياسات بناء على تحليل هذه البيانات والمعلومات.

توفر البيانات الأساس الذي يمكن الجهة المعنية من اطلاع أصحاب المصلحة على سير الأمور، وما حدث من تغيرات سلبًا أو إيجابًا مع استشراف ما هو متوقع في المستقبل القريب. كما تمكن المهتمين وأصحاب المصلحة من إبداء آرائهم في مدى صحة ما استخدم من وسائل التحليل، ومدى توافق النتائج المستخلصة مع المعلومات والبيانات المتاحة وتحليلها.

وفي هذا العام أضافت جائحة كوفيد 19 سيلًا من البيانات اليومية في نشرات الأخبار والصحف حول الإصابات والوفيات وغيرها من البيانات المتعلقة بالفيروس. كما صدرت بناء على هذه البيانات العديد من التوجيهات الصارمة والنصائح الواجب اتباعها لحماية النفس والغير. هذا إضافة إلى النتائج الأولية للقاحات التجريبية واحتمالات نجاحها والفترة الزمنية المقدرة لتوفرها.

الوثوق بالبيانات: فرض فيض المعلومات في عالم اليوم على متلقيها أن يتعامل بدرجة عالية من الوعي مع الأرقام والبيانات التي تمطره بها مختلف المصادر بصورة يومية، حتى يمكنه فرز الغث من الثمين وما يستحق الأخذ به وما لا يستحق. لذلك فإن شعار الاحتفال باليوم العالمي للإحصاء هذا العام، لم يأت من فراغ.

تتوقف موثوقية ما يستخلص من نتائج بصورة كاملة على موثوقية البيانات التي بنيت عليها وصحة طرق معالجتها وتحليلها. ومن أمثلة ما يتعين على المتلقي التحقق منه قبل الأخذ بالنتائج، التأكد من حيادية المصدر أولًا ومعرفة طبيعة البيانات المستخدمة ووسيلة الحصول عليها وكيف استخلصت النتائج المعلنة. كما ينبغي التحقق من أن البيانات ممثلة للمجتمع قيد الدراسة ولم يستبعد أي منها (ربما لأنها تدعم أو لا تدعم وجهة نظر محددة) كما ينبغي التأكد من أن أي أسئلة استخدمت لجمع البيانات قد صيغت بطريقة محايدة لا توحي بإجابة معينة، وألا يكون استخدام النتائج بغرض الترويج لفكرة أو سلعة، أو الرغبة في الإرضاء وأن النتائج المعلنة لم تعمم تعميما مخلًا، لا تدعمه البيانات وطرق التحليل.

About the Author