X638311283768843821

 



  

Banner-02638735669713724437

 

كورونا والعلاقات الأسرية

28 Jul, 2020 |
  • د. عائشة محمد عجوة - أخصائية نفسية- مركز الإرشاد الطلابي.

قد يُثار الجدل حول مدى تأثير انتشار كورونا على العلاقات الأسرية، فقد يرى البعض أن أثر انتشاره إيجابي والبعض الآخر يرى أن الأثر سلبي، في حين لا يُؤمن آخرون بتأثيره على علاقاتنا الأسرية، وقد يلجأ كل طرف للاستشهاد بحالات يعرفها لإثبات وجهة نظره.

ولو أمعنا النظر نجد أن كل طرف مصيب في وجهة نظره، إذ إن تأثير انتشار كورونا كجائحة واجهت كل فرد من أفراد العالم سيؤثر علينا كأفراد أيضًا، ومن ثمَّ سيكون تأثيره على علاقاتنا التي نؤدي فيها أدوارنا الحياتية، بما فيها كزوج أو والد أو ابن أو أخ؛ ستختلف باختلاف ما نمتلكه من خصائص شخصية ومهارات ومستوى نضج.

ويمكن توضيح كيفية تأثير انتشار جائحة كورونا على العلاقات الأسرية من خلال ما يلي:

أولًا: إن انتشار الجائحة وما ولَّدته من تغيرات في نظام حياتنا يعد من الظروف الضاغطة، وكأي ظرف ضاغط آخر فإن تأثيره على نفسية الأفراد ستختلف باختلاف خصائصهم الشخصية، فالأشخاص الذين يميلون للاكتئاب أو للشخصية الوسواسية، أو لديهم مثل هذه الاضطرابات تحت أي ظرف ضاغط يتوقع أن تزيد الأعراض، والحالة النفسية السيئة ستؤثر سلبًا على مهاراتهم في إدارة الضغوط، مما سيؤثر سلبًا على تفاعلاتهم مع الآخرين بما في ذلك أعضاء الأسرة. في حين أن من يمتلك خصائص شخصية قوية؛ كالمرونة والصلابة النفسية، إضافة إلى المهارات، سيكون أكثر قدرة على إدارة الضغوط مما يلغي الأثر السلبي، بل قد يُسهم بخلق أثر إيجابي من خلال تقوية العلاقات بما يقدِّمه كل طرف من دعم ومساندة لأفراد الأسرة الآخرين.

ثانيًا: إن التغيرات التي فرضها ظرف انتشار الجائحة من تغير نظام حياتنا اليومية بإغلاق أماكن العمل والمؤسسات التربوية والأماكن الترفيهية، قد يؤثر على العلاقات الأسرية بطرق عدة:

أولها؛ أن أفراد الأسرة أصبحوا يقضون وقتًا أطول مع بعضهم البعض ومن ثم فمن المتوقع أن تزيد التفاعلات بين أعضاء الأسرة الواحدة على أمور عديدة مشتركة، مما يولد العديد من الاختلافات كنتيجة لاختلاف قيم وخصائص وتفضيلات وأولويات ووجهة نظر كل شخص، والاختلاف ليس مشكلة بل هو فرصة لمزيد من الخيارات وتوليد الأفكار، وتنمية مهارات التفاوض وتقوية العلاقات الأسرية من خلال معرفة بعضنا البعض، وهذا يحدث إذا كنا كأفراد نمتلك الخصائص الإيجابية والمهارات المناسبة لإدارة الاختلاف كمهارات التواصل الفعال ومهارات التفاوض والذكاء الوجداني وغيرها، والنضج المتمثل بالحكمة في اختيار استجابة معينة تناسب ظرف ووقت وشخص معين. ولكن قد تتحول تلك الاختلافات إلى خلافات مدمرة وتتحول أصغر المشكلات إلى كوارث، بل قد يحولها بعض أفراد الأسر، الذين تنقصهم الخصائص الشخصية الإيجابية والمهارات والنضج والمواقف الإيجابية كالمرح والمزاح، إلى كوارث تؤدي إلى تفسخ الأسر.

ثانيهما؛ إن عدم وجود مصادر أخرى (بما في ذلك أشخاص وأماكن وأنشطة) يستعين بها أفراد الأسرة في التعامل مع ما ينتج عن الظرف الضاغط من مشاعر وانفعالات، يزيد من مسؤولية كل فرد بالأسرة في تفهم الأطراف الأخرى، والقدرة على تقديم الدعم المناسب مع الخصائص العمرية والشخصية لفرد محدد؛ وهذا يتطلب ما يسمى بالذكاء الوجداني، الذي كلما امتلكه أفراد الأسرة أثّر ظرف انتشار جائحة كورونا إيجابًا على العلاقات الأسرية وكلما قل كان التأثير سلبيًّا.

 

 

 

About the Author