دكتور عادل الريامي
دكتور حاتم اللواتي
تمكن فريق طبي بمستشفى الجامعة، ولأول مرة على مستوى السلطنة، في علاج امرأة تعاني من تضخم مفرط لجدار عضلة القلب،
والذي أدى إلى إعاقة تدفق الدم من القلب إلى الجسم بشكل كبير، مسببًا بدوره صعوبة شديدة في التنفس مع أدنى مجهود؛
حتى المشي العادي لأقل من ٥٠ مترًا
وقد تمكن فريق أطباء القلب المختصون بالعلاج التداخلي القسطري الدقيق من إجراء العملية القسطرية للمريضة التي كانت
تعاني من اعتلال عضلة القلب التضخمي الانسدادي في عام 2019. وتكلل العلاج القسطري بنجاح فوري بتخفيف إعاقة تدفق الدم
من البطين الأيسر إلى الشريان الأورطي.
قام بإجراء العملية الدكتور عادل بن بركات الريامي، والدكتور حاتم بن علي اللواتي، وكلاهما استشاري أول في أمراض
القلب والعلاج التداخلي الدقيق بمستشفى الجامعة، مع فريق الممرضين، والتقنيين، وفنيي مختبر القسطرة، ومختبر تصوير
القلب بالسونار. المريضة الآن وبعد عامين من العلاج والمتابعة المستمرة تتمتع بصحة جيدة وتمارس كافة نشاطاتها بدون
أية أعراض.
كما رافق العملية استخدام تقنية جديدة تنم عن مهارات متقدمة لدى فريق طب القلب التداخلي في مستشفى الجامعة؛ تمثلت في
التصوير الدقيق للجزء المستهدف من العضلة المتضخمة، وإمكانية حقن المحاليل الدوائية في شرايين غاية في الدقة -يبلغ
في دقتها شعر رأس الانسان-. كما أثبتت توفر كافة الوسائل المطلوبة، والكادر الطبي الكفؤ لمعاينة حالة المريضة بعد
إجراء مثل هذه العمليات بالغة الدقة.
معاناة سنتين
المريضة في منتصف العمر، ويتطلب عملها الحركة المستمرة أثناء القيام به، كانت قد لاحظت قبل سنتين من عرض حالتها على
أطباء القلب آلامًا في الصدر، وضيق بسيط في التنفس، مع الإجهاد الجسدي، التي باتت تتفاقم مع مرور الوقت لدرجة أنها
كانت تضطر إلى التوقف بعد قطع مسافة 50 مترًا بسبب انقطاع النفس وآلام حادة في منتصف الصدر.
كشفت تحاليل الدم والتحاليل الإشعاعية عن وجود تضخم شديد مفرط في القلب، وخاصة في الحاجب الحاجز بين البطينين الأيمن
والأيسر، لدرجة أنه كان يعيق تدفق الدم من القلب إلى الشريان الأورطي.
بدأ العلاج عن طريق أدوية القلب التي نجحت إلى حد ما في تقليل أعراض ضيق التنفس وآلام الصدر لدى المريضة لمدة تقارب
السنة والنصف، لكن مع التدهور السريع للحالة المرضية بدأت الأعراض في العودة تدريجيًا إلى ما كانت عليه بل وأسوأ،
مما اضطر الفريق الطبي إلى مناقشة الحلول الجراحية والقسطرية التداخلية المتاحة لها.
القرار الصعب
كان التدخل الجراحي بعملية القلب المفتوح هو خيار العلاج الوحيد المتاح في العالم حتى أوائل التسعينيات. تم إجراء أول
علاج تداخلي بالقسطرة لمرض اعتلال عضلة القلب التضخمي الانسدادي بنجاح في عام 1994، ومنذ ذلك الحين أصبحت هي الطريقة
العلاجية المفضلة في الحد من التضخم المفرط للقلب في أنحاء معينة من العالم، خاصة في أوروبا وآسيا. وبالنسبة للمرضى
العمانيين الذين يعانون من الحالة نفسها فقد كان يتم إرسالهم للعلاج في الخارج؛ إما للجراحة، أو للقسطرة التداخلية.
تمّ مناقشة الخيارات المتاحة مع المريضة، وإعطاءها جميع المعلومات عن الفوائد والمخاطر المترتبة على كل من الجراحة أو
القسطرة. عُرِض على المريضة خيار العلاج القسطري؛ والمتمثل باستئصال الجزء المتضخم من الحجاب الحاجز عن طريق حقن
محلول كحولي في الشريان المغذي للمنطقة المذكورة، ويؤدي ذلك إلى انكماش وضمور العضلة المتضخمة مما يتيح في الوقت
ذاته تدفق الدم بشكل شبه طبيعي إلى الشريان الأبهر ومنه إلى كافة أنحاء الجسم، وكذلك تمّ إبلاغها أنها ستكون أول
مريضة تخضع لمثل هذه القسطرة التداخلية في السلطنة حال أنها قررت الخضوع لها.
بعد التفكير في الحلول المتاحة لها واستشارة أهلها، وافقت المريضة على إجراء القسطرة التداخلية، وبدأت الإجراءات
الترتيبية، ومراحل الإعداد للعملية، والتي تعد الأولى من نوعها في السلطنة.
اضطراب وراثي خطير
الجدير بالذكر أن اعتلال عضلة القلب التضخمي هو اضطراب وراثي نادر وخطير، يتميز بزيادة سمك جدران عضلة القلب. هناك
مجموعة من المتغيرات المعروفة طبيًا، ولعل أكثرها انتشارًا النوع الذي تؤثر العملية التضخمية فيه على الجزء الأعلى
من الحجاب الحاجز بين البطينين الأيمن والأيسر مما يعيق تدفق الدم إلى الشريان الأبهر فتظهر لدى المريض أعراض ملحوظة
أثناء بذل أدنى مجهود. تشمل الأعراض: ضيق شديد في التنفس، آلاما حادة في الصدر، وحالات إغماء مفاجئة. يمكن للعلاج
الدوائي أن يقلل من حدة هذه الأعراض، ولكنه فعال في 50% من الحالات فقط.
يأمل الفريق المختص أن يتمكن من معالجة أكبر عدد ممكن من المرضى في السلطنة، والمصابين بهذه الحالة النادرة
والخطيرة؛ للتقليل من أعراض الحالة والتخفيف من معاناتهم مع المرض الذي يعرقل مجرى حياتهم الطبيعية، وتقليل عدد
المرضى الذين يحتاجون للسفر إلى الخارج لتلقي هذا العلاج.