X638311283768843821

 



  

Banner-02638735669713724437

 

احذر.. إنهم يبتزونك عاطفيًّا!

 

حاورتها : خلود البوسعيدية

في مسالك الحياة اليومية نصطدم بسلوكيات قد تُهدد استقرارنا بل قد تغيّر مجريات تفاصلينا للأبد، منها التعرض للابتزاز من الآخر! ولا ريب أن بعضنا يعي تمامًا بعض أنوعه كالابتزاز الإلكتروني، ويعرف شيئًا عن بعضها الآخر كالابتزاز الاقتصادي والسياسي، ولكن قد لا يدرك أغلبنا شيئًا عن نمط مُنتشرٍ من هذا السلوك رغم آثره العميق في مناحي علاقاتنا الحياتية وهو “الابتزاز العاطفي” الذي يُعدُّ من أخطر أنواعه تفشِّيًا في المجتمع! في هذا الحوار نطرح الأسئلة ونناقش الدكتورة عائشة بنت حمد الحارثية، مستشارة في الإرشاد النفسي والأسري، لنقترب أكثر من مفهوم “الابتزاز العاطفي” وأشكاله..

• محاولة للسيطرة:

تُعرّف الدكتورة عائشة الابتزاز العاطفي بأنه: “محاولة أحد الأطراف ـ المبتز- السيطرة على سلوك شخص آخر عادة ما يكون قريبًا منه للحصول على ما يريد، ويستخدم لتحقيق أهدافه مجموعة من التهديدات وأنواعًا مختلفة من العقاب كالتخويف والإلزام والشعور بالذنب “بطرق مباشرة أو غير مباشرة ” للتأثير على ذلك الشخص والسيطرة عليه، ويُعد الابتزاز العاطفي أحد أشكال التلاعب النفسي، وغالبًا ما يحدث هذا الابتزاز بين شخصين أو أكثر (زوج وزوجة، أم أو أب مع أحد الأبناء، أصدقاء، زملاء عمل)”.

• “انتو ما تحبوني!”:

حول أبرز ممارسات الابتزاز العاطفي عند الصغار والكبار، تقدم الدكتورة أمثلة واقعية ذاكرة ما قد يحدث داخل الأسرة: “منها ما يحدث بين أفراد الأسرة كأن يقول أحد الزوجين للآخر “إن لم تنفذ لي الطلب الفلاني سأشعر بالحزن أو سأمرض”، ويجعله يعيش في خوف ومن ثم ينفذ له ما يريد لكيلا يصيبه مكروه أو يفقده.

كذلك نجد بعض الأمهات تمارس الابتزاز العاطفي مع بعض أبنائها، فتقول للذي يمتنع عن الأكل “إذا لم تأكل هذا الطعام فأنا لا أحبك” مع علمها الشديد أن حبها لهذا الطفل يعني له الكثير فيبقى في حالة شعور بعدم الأمان، وينطبق هذا المثال على بعض الآباء الذين يمارسون الابتزاز العاطفي على أبنائهم لكي يجبروهم على البقاء تحت سيطرتهم وتحقيق أهدافهم الشخصية”.

وتضيف: “في المقابل نجد أن الكثير من الأبناء “ذكورًا وإناثًا” يمارسون الابتزاز العاطفي مع آبائهم وأمهاتهم، فنجد أحدهم يجبر والدته على إقناع والده بشراء سيارة بمواصفات ترضي طموحة وتحقق رغبته في التباهي أمام زملائه، مستخدمًا عبارات استعطاف “انتوا ما تحبوني، أو لو صار لي مكروه أنتم السبب”.. وهكذا حتى يتم تلبية طلبه”.

• حتى الأصدقاء يفعلون!:

وتذكر الدكتورة الحارثية أن نماذج الابتزاز العاطفي بين الأصدقاء كثيرة “وأغلبها تندرج تحت عبارة “إن لم تفعل لي كذا فأنت المسؤول عن الذي سيحدث” ويحمِّله مسؤولية أي مكروه سيحدث له من جراء عدم تنفيذه ما يريد، وبعضهم يغلف هذا الابتزاز بسلوك استعطاف ومشاعر حزن وشكوى حتى يجبر ذلك الصديق على تنفيذ ما يريد ويحقق أهدافه من خلاله”.

وتضيف: “أما بعض الشباب فيستخدمون الحب للإيقاع بالطرف الآخر وابتزازه فيقول المبتز للطرف الثاني: أنوي التقدم لخطبتك لكني مديون أو لدي مشكلات مادية. ويعد قائمة بتلك المشكلات، ثم بعد ذلك – يمارس ضغطًا أكبر- فيقول: إني مهدد بالسجن، وهكذا حتى تستسلم الضحية وتسلم المبالغ المادية للمبتز وبعدها يختفي من حياتها”.

وتردف: “كذلك يستخدم بعض الطلاب الابتزاز العاطفي أثناء الاختبارات فتجد الطالب يجبر زميله على تغشيشه وإلا سيفضح سرّه الفلاني وبعضهم يخبر زميله بأن “والدي سيطردني من البيت إذا رسبت وهذا سيؤدي إلى إلحاق الأذى بوالدتي وإخوتي”، مما يجعله يستسلم لمساعدته ويعرض نفسه للخطر أو يقوم بعمل ينافي القيم والمبادئ، وعلى كل حال توجد ممارسات عديدة للابتزاز العاطفي جميعها تستخدم التخويف والشعور بالذنب حتى تستسلم الضحية وتساعد الضحية للوصول إلى هدفه”.

• لكن لماذا؟:

تجيب الدكتورة: “من المؤكد أن لجوء المبتز لهذا السلوك هدفه السيطرة على أفكاره وسلوكه ومن ثم يستطيع تحقيق ما يريد من خلال ذلك الشخص المقرب منه، فكما هو معروف فإن الشخص المبتز يشعر بعدم الأمان “النفسي أو المادي” فيمارس ضغط الإحساس بالذنب أو حاجته الشديدة لذلك الشخص حتى يضمن تقبله له وتنفيذ رغباته. وغالبًا ما يكون المبتز شخصًا غير متزن أو أنه يعاني من بعض الاضطرابات النفسية لأنه يستغل علاقاته بالآخرين في تحقيق أهدافه”.

• التواصل والابتزاز العاطفي:

تقول سوزان فورورد ص4: “عادة ما يتم تصنيف حالات التلاعب هذه على أنها سوء تواصل”، ما الفرق بين سوء التواصل والابتزاز العاطفي؟ أجابتنا الدكتورة موضحة: “غالبًا لا يحدث سوء التواصل بشكل متعمد أو يتم التخطيط له، فعادة أثناء عملية الاتصال التي تحدث بين الأفراد بشكل عام يحدث نوع من عدم فهم للرسالة ويرجع السبب إلى المرسل أو المستقبل أو الرسالة نفسها، ويتم معالجة ذلك بالتوضيح للمعنى المقصود وتنتهي المشكلة، بمعنى آخر يعد سوء التواصل غير مقصود في أغلب الأحوال”.

واستطردت: “أما الابتزاز العاطفي فهو عملية مقصودة يقوم بها المبتز بطرق مباشرة وغير مباشرة فتجده يختلق مشكلة وتبدو عليه علامات حزن وأسى يفهمها الطرف الآخر إنها مشكلة حقيقية ويبادر بالعطاء والمساعدة ظنًا منه أنه يقوم بالواجب، وأحيانًا تجد المبتز يصرح بأنه سوف يؤذي نفسه ويلحقه أذى كبير من أشخاص آخرين إذا لم يحصل على ما يريد. إذن الابتزاز العاطفي ليس سوء تواصل أو سوء فهم، وإنما اعتماد شخص على آخر لتحقيق أهدافه عن طريق ممارسة التخويف والتهديد والشعور بالذنب في حال عدم تنفيذ المطلوب”.

• في بيئة العمل:

هل يمارس الابتزاز العاطفي في بيئة العمل؟ تقول الدكتورة: “نعم يتم استخدام الابتزاز العاطفي في بيئة العمل، والشخص الذي يتم ابتزاه عادة ما يكون كشف عن نقاط ضعفه أو أسراره الشخصية للشخص المبتز، أو أن العلاقة بينهما ليست مقتصرة على بيئة العمل وإنما أصبحت بينهما علاقة صداقة أو علاقة عاطفية يتم من خلالها الكشف عن بعض الأسرار وتفاصيل الحياة، مما يجعل المبتز قادرًا على استخدام التهديد إذا لم يلبِ له الطرف الآخر طلباته، فمثلا يطلب المبتز إنهاء العمل نيابة عنه أو أنه ينسب إلى نفسه بعض الأفكار التي يشيد بها المسؤول، كما أنه يقوم بابتزازه ماليًّا فتجده يعطيه ما يريد على حساب نفسه وأسرته خوفًا من أن يكشف ذلك السر، والتهديد بإنهاء العلاقة العاطفية في حالة وجودها”.

وتضيف: “بعض الأحيان نجد أن المسؤول يقوم بابتزاز بعض موظفيه واستخدامهم في مواقف كثيرة للتغطية على أخطائه أو تنفيذ أوامره، مستخدمًا تهديداته المباشرة أو غير المباشرة لذلك الموظف الذي غالبا ما تكون لديه نقاط ضعف كشف عنها للمسؤول، أو نجد أن مسؤولًا يكلف موظفًا بأعمال فوق طاقته لأنه يعرف عنه سرًا يخاف الموظف إفشاءه”.

وتكمل: “أثر هذا الابتزاز العاطفي كما هو معروف شعور بالخوف وعدم الأمان، ونتيجة لذلك تصبح العلاقات هشة بين البشر، ويتبدد الحب والقيم الجميلة التي تؤيد روح التعاون والمحبة، لأن الابتزاز العاطفي قائم على التخويف والإجبار وليس الحرية”.

• لنحمِ أنفسنا:

وأهم ما في الأمر هو أن نعرف كيفية حماية أنفسنا من هذه الممارسات، وعن ذلك تجيب الدكتورة الحارثية قائلة:
“أولا: وقبل كل شيء يجب علينا التسلح بالمعرفة وتنمية الوعي بمثل هذه المفاهيم التي قد يجهلها البعض، وبذلك يمكننا التفريق بين الابتزاز العاطفي والمفاهيم الأخرى كالتعاون ومدّ يد العون للمحتاج أو حتى التضحية من أجل بقاء علاقة تربط بين أفراد الأسرة أو الأصدقاء.

ثانيا: يجب علينا أن نتعود ونعوّد أبنائنا على قول كلمة “لا” إذا كان المطلوب منا فوق طاقتنا أو أنه يكلفنا خسائر مادية ومشاعر سلبية على المدى القريب والبعيد.
وهنا أنصح الذي لاحظ أن شخصًا معينًا بدأ في ابتزازه قبل أن يعطي أي وعود بالتنفيذ أو الرفض السريع أن يطلب مهلة للتفكير ومن ثم الرد، وفي حالة أن المبتز حاول الضغط عليه أو تهديده عليه أن يلجأ إلى شخص قريب منه أو مختص لطلب المساعدة قبل أن يدخل في سلسلة من الابتزازات التي قد تكلفه الكثير.

ثالثا: أهمية دور الأسرة في توجيه الأبناء وتوضيح بعض المفاهيم لكي يصبحوا على دراية بكيفية حماية أنفسهم إذا ما تعرضوا لهذا النوع من التعامل، وقبل كل شيء يجب أن يكون الأبوان قدوة لأبنائهم في حسن التعامل والتعاون والتكاتف فيما بينهم”.

وتتابع ناصحة: “يجب أن يكون الشخص – الذي لاحظ أنه سيصبح ضحية للمبتز ـ راقيًّا في ردود أفعاله ويعتذر بالطريقة التي يراها مناسبة أو ينسحب بأقل الخسائر، وهو في النهاية ليس مسؤولًا عن ردود أفعال الآخرين مهما كانت. ويبقى إحساس الإنسان بأنه حرٌّ وواثق من نفسه وهو من يختار السلوك أو يرفضه مهما كانت النتائج”.

 

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية