“التخصص هو أساس التميّز في عصر العلم” – أحمد زويل، ولكن قبل أن تبدأ في اختيار تخصصك، ومسارك المهني، وقبل أن تختار مؤسستك للعمل، تعرّف معنا من خلال هذا الاستطلاع على عدة نصائح من طلبةٍ وموظفين عن كيفية اختيارهم التخصص واكتسابهم المهارات والمعارف اللازمة، وما نظرتهم للعمل في القطاع الخاص، في السياق الآتي:
ناشر للمعرفة
تعدُّ مرحلة اختيار التخصص في المرحلة الجامعية من أصعب المراحل التي يمرُّ بها الطالب الجامعي، فهي ترسم وتحدِّد مستقبله المهني، تقول مريم بنت سالم المسرورية ـ مديرة مركز التوجيه الوظيفي بالجامعة: “خلال هذه المرحلة يواجه الطالب الجامعي عدة تحديات من أهمها نقص المعلومات حول طبيعة التخصص والوظائف المرتبطة به وسوق العمل وتوجهاته المستقبلية، كذلك يواجه الطالب صعوبة في معرفة قدراته وإمكاناته ومدى ملاءمة التخصص الذي يرغب بدراسته لميوله ورغباته، ودائمًا ما ننصح الطلبة في هذا الجانب بضرورة الاستفادة من خدمات التوجيه المهني المتوفرة في الجامعة من خلال مركز التوجيه الوظيفي، وحضور معرض التخصصات السنوي بالجامعة؛ إذ إن صنع القرار الصحيح المتعلق باختيار التخصص المناسب يقوم على اكتشاف الذات وتحديد الميول والاهتمامات والقدرات، ومن ثمَّ اكتشاف الخيارات المطروحة ومساراتها المهنية الملائمة للميول والاهتمامات”.
وتؤكد هذه النقطة فاطمة بنت علي العدوية ـ معلمة وطالبة دراسات عليا بالجامعة تخصص صعوبات التعلم ـ فتقول: “الكثير من الشباب، وللأسف، يجهلون أن العثور على عمل يحتاج إلى خطة مدروسة تقوم على العديد من الخطوات، وهناك تفاصيل صغيرة قد تكون حاسمة أحيانًا؛ تبدأ بمعرفة الشخص لميوله وأهدافه المستقبلية ومتطلبات سوق العمل”.
وينصح محمد بن سليمان الكلباني ـ مهندس بشركة أوريدو ـ الطلبة قبل البدء بالبحث عن وظيفة بخلق سيرة ذاتية متقنة تعكس مهنية عالية على منصة عملية جدًّا، ويذكر أن منصة لينكدن مناسبة لهذه الأغراض وهي الأفضل، وينبغي على ملف الباحث عن عمل في هذه المنصة ألا يقتصر دوره على البحث عن وظيفة، إنما يقدِّم نفسه كناشر للمعرفة بشتى أنواعها باحترافية تعكس مستواه المهني وفكره المبدع.
ويضيف الكلباني: “عند عُمرٍ معين يجب على الباحث أن يفكر بما يثير شغفه واهتمامه ويحفزه بالطاقة للعمل والإبداع، ربما سيكون من المفيد أن يواظب الإنسان على سؤال نفسه ما الذي يريد فعله في هذه الحياة بشكل مستمر، حتى يصل إلى تصور معين عن ماهية شغفه ومن ثمَّ يتكَّون عنده ميل معين تجاه تخصص بعينه”.
وتتفق الطالبة روان بنت علي الشنفرية ـ كلية الحقوق ـ أن الميول قبل كل شيء في اختيار التخصص ومن ثمَّ القراءة في التخصص والاستطلاع حول طبيعة الدراسة فيه، وأخيرًا دراسة توفُّر الوظائف في هذا التخصص في المستقبل. أما الطالبة أفنان بنت ماهر بيت راشد ـ كلية التربية ـ فقالت: “عند اختياري لتخصصي رغبت منذ البداية أن أكون معلمة لأنه مجال مطلوب فهناك حاجة إلى هذه المهنة في سوق العمل”. وتختلف معها الطالبة إشراق بنت مسلم اليافعية ـ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ إذ تقول: “إن اختياري لتخصصي نابع من رغبة شخصية وحبّ في التخصص.. لم أختره بناء على توفُّر سوق العمل”.
في حين أن مبارك الشكيلي ـ طالب دكتوراه بتخصص إحصاء في كلية العلوم ـ يُفضل أن يكوِّن الإنسان معارف وصداقات من القطاع الخاص كالشركات المشهورة مثلا، بحيث يتسنّى له الزيارة أو التداخل والاندماج مع أصحاب الأعمال بشكل واقعي أكثر فيطّلع على ماهية المهارات والتخصصات المرغوب فيها مستقبلا؛ وبناءً على ذلك يختار تخصصه مع الأخذ في الحسبان قدرات الشخص العلمية والعملية وضرورة التنويع في تعلّم مهارات جديدة والاستفادة من البرامج التعليمية، كالبرامج المحوسبة وغيرها، التي تُقام داخل الجامعة أو خارجها.
متميز أكاديميًّا وجاهز مهنيًّا
وعن المهارات المطلوبة من الطالب قالت مريم المسرورية: “على الطلبة استغلال فترة دراستهم في الجامعة في تطوير المهارات المطلوبة في سوق العمل، إذ إن جهات التوظيف دائمًا ما تبحث عن الخريج المتميز أكاديميًّا والجاهز مهنيًّا، وهذه الجاهزية لمتطلبات سوق العمل لا يمكن الحصول عليها من دون اكتساب خبرات مختلفة خلال فترة الدراسة، أما عن طريق الالتحاق بالجماعات الطلابية أو القيام بأعمال تطوعية أو الحصول على فرص تدريب في مؤسسات عمل مختلفة”.
وقالت فاطمة العدوية: “يجب الأخذ بعين الاعتبار أن سوق العمل لا يستوعب جميع الخريجين والباحثين عن عمل مرة واحدة وخلال فترة قصيرة، لذلك يجب على الخريج الحرص على تزويد نفسه بالمؤهلات والمهارات المطلوبة من خلال الالتحاق بتخصص مناسب للوظيفة التي يطمح لها والحرص على الخروج منها بمعدل مرتفع، وكذلك الالتحاق بدورات تدريبية تمكّنه من المنافسة على الوظائف الشاغرة واجتياز الاختبارات والمقابلات الوظيفية بشكل أفضل”.
وترى روان أن المؤهلات والمهارات المطلوبة تكون في استخدام برامج كالوورد والأكسل، والقدرة على التحدث والكتابة باللغة الإنجليزية. وتتفق أفنان معها وتقول: “نظرًا لأننا في عصر السرعة والتكنولوجيا فأظن من الضروري أن يكون لدينا خبرة أو شهادة في مجال استخدام الحاسوب ومهارة التعامل مع الأجهزة الإلكترونية، أما بالنسبة لجانب العلاقات الاجتماعية داخل العمل فأظن من الضروري أن يكون عندنا مهارة حل المشكلات ومهارة التعامل مع الآخرين ومهارة الابتكار والإبداع، ومن الأفضل أن يمتلك المتقدم العديد من الشهادات والخبرات التي تخصّ التخصص نفسه وفي الوقت نفسه تخصّ جميع مجالات العمل”.
بيئة محفزة وأمان
تغيرت نظرة العمل في القطاع الخاص لدى الأغلبية من مخرجات مؤسسات التعليم العالي خلال السنوات الأخيرة، هذا ما تؤكده مديرة التوجيه الوظيفي في الجامعة مريم المسرورية، إذ أكّدت أن هذه نتيجة طبيعية لزيادة وعي المجتمع بمحدودية فرص العمل في القطاع الحكومي، فغدا أغلب الخريجين لا يمانع من العمل في مؤسسات القطاع الخاص التي تتوفر فيها بيئة عمل محفزة وتوفر له الأمان الوظيفي.
ويذكر الكلباني أن العمل في القطاع الخاص يمتاز باحتراف أعلى وفرص أكبر للتطور من حيث الاحتكاك بخبرات وموفري الخدمات، والعيش مع تحدياتهم اليومية ما يصقل من جودة الخبرات ويشحذها لأداءٍ أفضل مستقبلًا.
وتقول الطالبة صفية السعدية ـ تكنولوجيا التعليم والتعلم: “العمل في القطاع الخاص خيار له مزايا وله عيوب، وتتباين بيئات العمل في القطاع الخاص حسب كل مجال وحسب كل مؤهل”. أما روان فترى أنه في الظروف الحالية يمثل العمل في القطاع الخاص فرصة مميزة، ولكنها لا تخلو من خطورة نوعًا ما لعدم وجود استقرار به كالقطاع الحكومي.
في حين أن أفنان لا تمانع من العمل في القطاع الخاص نظرًا لصعوبة الحصول على وظيفة، ولكن تقول: “أفضِّل القطاع الحكومي لو خيروني بين وظيفتين في القطاع الخاص أو الحكومي”. وتختلف معها إشراق حيث تفضل القطاع الخاص لأنه أفضل من ناحية تطوير الذات والفرص خاصة في فترة أزمة الوظائف!.