عصر السوشيال ميديا، قد يكون هذا المسمى الأمثل للفترة التي نعيشها حاليًا، إذ نرى مواقع التواصل الاجتماعي منتشرة وبشكل كبير بين جميع فئات المجتمع وبمختلف أعمارهم ومستوياتهم العلمية، الاجتماعية والثقافية، وبلا شك لا يمكن نكران أن ظهور مواقع التواصل الاجتماعي يعد من الثورات العظيمة التي شهدها العالم، وبأنها كانت يومًا سببًا لتسهيل الوصول للجانب الآخر من العالم دون أي جهد وبضغطة زر، إذ نرى يوميًا الملايين من الصور، الأحداث والأخبار التي تُرفع من خلاله وتصل إلى العالم بأكمله خلال ثوان معدودة.
الكثير منا اتخذ هذه المواقع كمنصة للمعرفة، التبادل العلمي والنمو الفكري، ولكن هناك فئة ليست بالقليلة خاصة من الشباب اتخذوها كمنصة تنافسية للشهرة، إذ أصبح هوس الشهرة منتشرا وبشكل كبير بينهم، فأصبحوا يتنافسون لجمع أكبر عدد من المتابعين، ويسعون جاهدين للحصول على المئات من إعادة التغريدات، كما يتفاخرون فيما بينهم بعدد “اللايكات” التي حصدتها صورهم على الإنستجرام، أصبحنا في زمن الشغل الشاغل فيه للشباب هو الجلوس وتأمل أعداد المتابعين لهم وهو يتزايد، وإن حدث ولاحظوا أي نقصان وإن كان بسيطًا سرعان ما اتخذوا إجراءات طارئة لتفادي هذا النقصان. اعتراضي ليس على السعي للشهرة بحذ ذاته، إنما بالطريقة التي يستخدمها البعض لتحقيق هذا الهدف، إذ أنّا إذا قمنا الآن بتصفح أي تطبيق من مواقع التواصل الاجتماعي سنرى فئات مختلفة من هؤلاء الشباب، فـمنهم من يتخذ نفسه أضحوكة من أجل إضحاك الآخرين، وتلك التي تتفاخر بحقيبة ماركة قامت مؤخرًا بشرائها، وآخر يتباهى بحصوله على أغلى وأحدث سيارة، وأخرى تتقمص شخصيات وأسماء مستعارة لا تمت لها بأي صلة، وغيرهم الكثير ممن نشاهدهم يوميًا ويساهمون بمشاركاتهم هذه في تحويل مواقع التواصل الاجتماعي من منصات للعلم والمعرفة إلى ساحات للمنافسة الخادعة، والأمر الذي يغفلون عنه هو أن بمشاركاتهم هذه، لا يضرون أنفسهم فحسب، إنما متابعيهم و المجتمع بأكمله ، فنلاحظ من يصاب بالإحباط بسبب عدم تمكنه من اقتناء ما يقتنيه المشهور الفلاني، ومن يعيش حياة كاذبة يخفي حقيقتها خلف عدسات هاتفه التي توثق باحتراف أكاذيبه، ومن يثقل كاهل والديه بـطلباته حتى يصل إلى المستوى المعيشي العالي الذي تعرضه له شاشته ، وهناك من يحاول تقليد إحدى الشخصيات المشهورة والمفضلة لديه بطريقة خاطئة ودون وعي لما يقوم به، و الكثير الكثير من السلوكيات الخاطئة التي بدأت بالانتشار بين الأجيال بكثرة وتندرج جميعها تحت مفهوم “هوس الشهرة “.
أما آن الأوان أن نخطو خطوة جديدة لنعيد النظر في مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي، وأن نفهم الهدف السامي منها وتحية وتقدير لكل من يستخدم هذه المواقع ليترك أثر طيبًا في مجتمعه ويعتبرها أداة للرقي والنجاح.
آمنة بنت موسى العريمية خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية/ محاسبة