https://youtu.be/CTy4awitFZw
من ألف ليلة وليلة تغني لنا سيدة الطرب العربي، الفنانة ليلى حجيج القادمة من تونس الخضراء، بأحلى المقامات وأجمل الكلمات والألحان، ففي عام 2008 أهدت الجامعةَ بحنجرتها الذهبية “أنشودة الجامعة” التي أصبحت أيقونة مميزة تغنيها أفواج الطلبة والخريجين عاما بعد عام. وعند سماع صوتها فإنها تأخذنا إلى أيام أمجاد الطرب الأصيل وأزمنة الفن الجميل… التفاصيل المقبلة تحكي لنا القصة كاملة بكل إبداعاتها وجمالها.
غنيت “أنشودة الجامعة ” التي أصبحت أيقونة مميزة للجامعة، ما هو شعورك عن ذلك؟
فخورة كوني أول فنانة غنت للعلم والمعرفة في رحاب جامعة السلطان قابوس، وهنا أقول للطلبة بالفعل أنتم محظوظون بالدراسة في الجامعة التي تتيح لكم ظروفًا ممتازة للتعليم. وقد اختاروني لغناء هذه الأنشودة التي كتب كلماتها سعادة الدكتور عصام بن علي الرواس عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية “آنذاك”، ولحنها الدكتور محمد الماجري. وبهذه المناسبة أتقدم بالتحية للدكتور عصام الرواس ومعالي الدكتورة راوية البوسعيدية ورئيس الجامعة والدكتور محمد الماجري، وفي الحقيقة أهنئهم على هذا الصرح العظيم، وقد أدخلتني أنشودة الجامعة التاريخ من باب كبير وتعرفت على عمانيين أجلاء أصبحوا أصدقاء عزيزين على قلبي.
تصنف الفنانة ليلى حجيج ضمن فئة فناني الفن الطربي الأصيل. ماذا أضاف لك هذا اللون من الغناء؟ وهل سيأتي يوم تغنين فيه ألوانًا أخرى؟
الطرب هو مدرسة تعلم الغناء، والنطق الصحيح، والتجول في المقامات والسماع والتصوير، الأساسي، وإذا أكملنا في هذا المبحث العمراني للموسيقى، فإن الطرب يحمل ما راكمته الأنامل العربية على مدى عقود من الزمن من زخرفة ونمنمات وإبداعات خزفية ما يزال العالم يكتشف ثراءها إلى الآن.
الأغنية الطربية تماما مثل جولة في قصر من قصور غرناطة تحتاج نفسا مبدعا بإمكانه جرد التفاصيل والانتباه إلى الزوايا البعيدة، وهذا يحتاج إلى مصور سامع، على درجة عالية من الانتباه والمعرفة الحسية وليس بالضرورة المعرفة الأكاديمية لمتابعة القصة كاملة والإحساس بما وراء السطور.
وأضافت ليلى حجيج: إن الطرب هو شدو في مناطق التفرد والاستثناء، والخروج من منطقة ترديد المعتاد إلى ماهو متجدد وخلاق، ورغبتي الجامحة في طرق ماهو أصيل في الغناء العربي وما هو متروك ومنسي، وأعد نفسي سباحة ضد التيار مقارنة ببعضهم، من أجل اكتساح مناطق جديدة هي مناطق تجمع بين ماهو أصيل وحداثي في معادلة يدرك جميعنا صعوبتها ولكنني أحاول إعادة تشكيل الطرب العربي في قالب حديث يليق بسامع العصر الجديد دون إزعاج أو غرابة. وأنا مستعدة لغناء أي نوع توجد فيه الكلمة الجميلة واللحن القيم طالما هو مغامرة جماعية لولوج مناطق قديمة بأدوات جديدة.
-
ما تأثير الدراسة الأكاديمية في اختياراتك الموسيقية للألحان والكلمات؟
هناك منافع تقنية مهمة مثل اختيار نصوص الأغاني والملحنين الذين أتعاون معهم واختيار مواضيع تهمني بوصفي تونسية وامرأة تنتمي لهذا العصر ولا تتنكر لماضيها الفني، وأنا أرفض أداء “الأغاني المبتذلة” لإقناع أكثر ما يمكن من الجمهور، وأعمل على إعطاء قيمة للعروض التي أقدمها للجمهور.ولكن التجربة الجامعية هنا هي عمل يومي لبناء شخصية باحثة، من أجل السعي والتنقيب وسبر تفاصيل تاريخية صغيرة ولكنها فارقة في النص العربي وبنائه اللحني، ويدفعنا ذلك إلى فهم التطور الذي طرأ ويطرأ باستمرار على المناخ الصوتي العربي وقياس العوامل التي تؤثر فيه، وهذا يقود شيئا فشيئا -بفعل التراكمات- إلى تكوين شخصية فنية تحاول ألا تكرر أحدا مع أنها تنهل منهم جميعهم في نفس الوقت.
-
كيف توازنين بين حياتك الأكاديمية وحياتك الفنية والأسرية؟
ليس سهلا أن توازن بين حياتك الأكاديمية والفنية والأسرية ولكنني أحاول أن أنظم وقتي حسب الأولويات، فلو كانت المدة هي مدة أبحاث وامتحانات فإنني أتفرغ للامتحانات ولو كان عندي عرض موسيقي فإنني ألتزم وأسخر كل جهودي للعرض الموسيقي. العلم هو غذاء عقلي والفن هو غذاء روحي والغناء هو الهواء الذي أتنفس، وعائلتي كذلك هي مهمة جدا في حياتي لذلك كثيرا ما أختار أوقات حفلاتي حسب ارتباطاتي العائلية.
-
شكلت ثنائيا جميلا مع الفنان لطفي بو شناق، حدثينا لماذا اخترت الفنان لطفي؟
لطفي بوشناق فنان كبير له أيضا مبادئ في الفن، ولي الشرف الكبير في أن أتعامل مع الفنان لطفي بوشناق فهو المعلم الذي لم يعد موجودا في مجتمعنا، وهو مدرسة في الغناء.
-
كيف تقيّمين المشهد الموسيقي التونسي والعربي اليوم؟
بحسرة أكدت الفنانة ليلى حجيج حزنها على الوضع الذي وصل إليه الفن التونسي اليوم، والذي أصبح يقاس بعدد المشاهدات على الإنترنت، نافية أن يكون ذلك مقياسا لتحديد مدى نجاح الأغنية من عدمه، وقالت: أدعو الإعلام لإعطاء فرصة لجميع الأنماط الموسيقية، وبخاصة أن الفنان التونسي يواجه كثيرا من الصعوبات ولعل أبرزها العمل بمفرده في ظل تغيرات تحتاج لإمكانيات كبيرة.
وأضافت: لكن هذا ليس منفصلا عن التطورات التي تحدث في العالم، وتحدث في تونس بالخصوص، فالمجتمع التونسي طرأت عليه تغيرات جوهرية وتاريخية وهو يبحث عن نفسه، وأصبحت لديه احتياجات جديدة، وأعتقد أن الموسيقي التونسي ينبغي أن يسارع في البحث عن مفردات جديدة تستجيب لهذا التطور المتسارع في شخصية التونسي. هناك مواضيع جديدة وأسئلة جديدة وآمال وطموحات مختلفة، وبالعودة إلى الفنان لطفي بوشناق فقد أبدع في هذا الشأن وتلقف بذكائه الحاد وإحساسه العالي بالناس هذه الأفكار الجديدة، وهو يعمل باستمرار على مشروع أغنية سياسية بإمكانها التعبير عن هموم الناس وهو ما يثبت أن الأغنية الراقية والصوت الجميل يمكن أن يكون جزءا من الحاضر وليس من التاريخ فقط.
-
كيف يغرس الفنان العربي اليوم “الأمل” في نفوس الناس من خلال أغنياته؟
خوفي الكبير أن يعيش الإنسان العربي دون كرامة، دون اعتزاز بهويته، ودون أمل، ومن المهم جدا أن يبعث الفنان الأمل في جمهوره من خلال اختيار الكلمة التي تشرح الصدر وتبعث التفاؤل واللحن الذي يجعلنا نشعر بالراحة، لذلك أنا سأغني لأول مرة دورا جديدا لحنه الفنان لطفي بوشناق وكتبه الشاعر أدم فتحي عنوانه “صحي الأمل” وهو شعور نحتاج إليه في حياتنا.
-
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
وختاما قالت الفنانة ليلى حجيج: لدي مشروع جديد مع الفنان الكبير الموسيقي لطفي بوشناق والشاعر العظيم آدم فتحي وهي وصلة جديدة عبارة عن موشح مبتكر ودور حديث وموال معاصر وأغنية جديدة، وقد استغرق الأمر سنوات من النقاش والبحث، ليفرز في الأخير مشروع طربي متكامل بنكهة القرن الجديد ومفتوح على صيغ موسيقية متلونة ومتأثرة بمختلف المناخات والأصوات الموسيقية الجديدة، وأرجو أن تتاح لي الفرصة لأتعامل وأتعاون مع فنانين عمانيين فأنا معجبة بفنونكم التقليدية في الغناء.