- محمد بن سليمان المعولي -مشرف ديني -عمادة شؤون الطلبة.
أولى الإسلام أموال الناس عناية بالغة فقد صانها وحفظها بما شرع من الأحكام التي شددت على المتعدي عليها بالباطل، ولم يقتصر هذا التشديد على المتعدي عليها بل حتى من أخذها بالدَين أو القرض وهي طرق صحيحة معتبرة شرعًا، لكن تبقى ذمة الآخذ مشغولة بها حتى يَردَّ المال لصاحبه، ولنتأمل في النصوص الشرعية الآتية:
“جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، إن قُتلت في سبيل الله صابرًا محتسبًا مُقبلا غير مدبر أيكفر الله عني خطاياي؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): نعم. فلما أدبر الرجل ناداه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو أمر به فنودي له فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كيف قلت؟ فأعاد عليه قوله فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): نعم إلا الدين كذلك قال لي جبريل” (رواه الربيع بن حبيب).
{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} (النساء).
“من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن قضيبا من أراك” (رواه مسلم).
“القليل من أموال الناس يورث النار” (رواه الربيع بن حبيب).
فالنص الأول يدل دلالة واضحة على عظم الدَين، فلا يشفع للرجل في تكفير خطاياه قتله في سبيل الله صابرًا محتسبًا ما دامت ذمته مشغولة بحق الغير مع أن الدين معاملة أباحها الشرع الحنيف، وهذا التشديد لأجل ألا يتساهل الناس في أخذ الدين ويتوسعوا فيه من غير حاجة ثم يهملوا رده من غير مبالاة بحقوق الناس، فكل من أخذ مالًا بدين تبقى نفسه مشغولة به حتى يرد الدين لصاحبه.
أما النصوص الأخرى ففيها وعيد بالغ على أخذ أموال الناس بالباطل ولو كان شيئا قليلا في نظره فهو عند الله عظيم، فلا تبرأ ذمة الإنسان حتى يَردَّ الحق إلى أهله، وإن من مقتضيات التوبة أن تُردَّ المظالم إلى أهلها كما نص على ذلك الحديث الشريف، فلا توبة بدون ذلك لأنه كما قيل: حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العباد مبنية على المشاحة.