X638311283768843821

 

Banner-02

 

تفاصيل ندوات مؤتمر الترجمة

كتب/ بلقيس الهشامية، يوسف المنذري

الندوة لأولى… تكنلوجيا الترجمة : رؤية للمستقبل

عقدت ضمن فعاليات المؤتمر الثامن للجمعية الدولية لدراسات الترجمة والدراسات الثقافية عددًا من الندوات، جاءت الندوة الأولى بعنوان "تكنولوجيا الترجمة: رؤية للمستقبل" وذلك بقاعة المؤتمرات والمعارض، تحت إدارة يعقوب المفرجي من شركة تنمية نفط عمان وبمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء الدوليين في مجال الترجمة وصناعة اللغة. وهم:  الأستاذ الدكتور جوس موركنز- أستاذ وباحث في تكنولوجيا الترجمة والذكاء الاصطناعي بجامعة مدينة دبلن بإيرلندا. والأستاذة الدكتورة لين بوكر- باحثة كندية في الترجمة والتكنولوجيا بجامعة لافال، ونورما صبيره من شركة ميموكيو لتكنولوجيا الترجمة في هنغاريا.

توقعات المستقبل

وقد استهل يعقوب المفرجي الندوة بسؤال محوري حول أكبر تغيير يمكن توقعه في تكنولوجيا الترجمة خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة. وفي تعليقه على السؤال، قال الأستاذ موركنز إن تحديد تغيير واحد يعد صعبًا، موضحًا أن التغيرات التي تحدث اليوم ستؤثر في الأشهر المقبلة، لكن التنبؤ بما سيحدث خلال عقد من الزمن يظل تحديًا نظرًا لضخامة التطورات غير المتوقعة سابقًا. وأوضح موركنز أن سوق الترجمة يشهد بالفعل تغيرًا في المسارات المهنية لخريجي الترجمة، مشيرًا إلى ملاحظته خلال عشرين عامًا من العمل الأكاديمي أن نحو 70% من خريجي برامج الماجستير لا يصبحون مترجمين، بل ينتقلون إلى صناعة اللغة أو قطاع التكنولوجيا، وهو ما يعكس تغير هوية المترجم وظهور أدوار جديدة.

دعم اللغات

من جانبها، أكدت الأستاذة الدكتورة بوكر أن المستقبل القريب سيشهد تركيزًا أكبر على دعم لغات العالم المختلفة وأوضحت: "الأدوات الحالية تخدم الإنجليزية، وخاصة الأمريكية، بشكل ممتاز، لكننا نأمل أن نرى أدوات عالية الجودة للغات أخرى، فالتنوع اللغوي ينبغي أن يكون محورًا أساسيًا للتطوير."

وأضافت بوكر "الفترة القادمة ستشهد عودة لأهمية المصطلحات فبالرغم من أنها كانت دائمًا جزءًا من تدريب المترجم، إلا أنها لم تكن في الصدارة ومع ظهور نماذج أكثر تخصصًا، سيزداد الاعتماد على البيانات المهيكلة وهنا تبرز أهمية خبرة المتخصصين في المصطلحات بوصفها نوعًا من هندسة المعرفة."

جودة المخرجات

كما أوضحت نورما صبيره أن التطور في تكنولوجيا الترجمة لم يعد يركز فقط على سرعة المعالجة، بل أصبح يتجه نحو جودة المخرجات، موضحة: "هدفنا بدأ بزيادة السرعة ومعالجة النص والصوت والفيديو، لكن التوجه اليوم نحو الحساسية الثقافية وجودة الترجمة."

وأشارت صبيره إلى أن التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي يجب أن يبدأ منذ المراحل الأولى، قبل عملية الترجمة نفسها، من خلال تدريب النماذج وتحسين قدرتها على فهم المحتوى. وأكدت أن شركة ميموكيو تقدم حلولًا مدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي تمنح المستخدمين القدرة على ضبط سلوك النموذج وتزويده بذاكرات الترجمة والموارد الخاصة بهم لضمان إنتاج متسق يعكس خبراتهم. وقد شهدت الندوة نقاشا واسعا تناول التحولات المتوقعة في تكنولوجيا الترجمة،

 

 

الندوة الثانية …دور الترجمة في استدامة الهوية والتراث والثقافة

فيما جاءت الندوة الثانية بعنوان "دور الترجمة في استدامة الهوية والتراث والثقافة". شارك فيها ممثلون عن ثلاث مؤسسات وطنية معنيّة بالتراث والثقافة  وهم: الأستاذ عبدالله بن سعيد العجمي من مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، والأستاذة موزة بنت سليمان الوردية من متحف عُمان عبر الزمان، والأستاذ سيف بن عبدالله الكلباني من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

الوثائق: ترجمة التاريخ العماني

وقد تحدث سيف بن عبدالله الكلباني من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية عن الدور المحوري للهيئة في نقل التاريخ العُماني إلى العالم من خلال الترجمة. وأوضح أن الهيئة تولي اهتمامًا كبيرًا بالترجمة، وقد أصدرت وثائق وكتب متعددة تعمل على ربط عمان بدول العالم. وأكد الكلباني على أهمية الدقة في عملية الترجمة، خاصة فيما يخص الوثائق والمستندات السياسية، مشيرًا إلى أن الوثيقة تمر بعدة أقسام وخبراء لضمان دقتها قبل أن تحال إلى قسم الترجمة. كما أشار إلى تبني الهيئة للتحول الرقمي، حيث تُعتبر الوثيقة الرقمية أسهل وأدق في التعامل والترجمة.

وأضاف الكلباني أن إصدارات الهيئة تجاوزت 40 إصدارًا، وذلك بفضل التعاون مع مترجمين متخصصين من خارج المؤسسة، بالإضافة إلى استقبال متدربين من جامعة السلطان قابوس لتعزيز قدراتهم وتمكينهم في هذا المجال.

 

المركز: دعم الهوية العمانية

من جانبه تناول عبدالله العجمي جهود مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم في دعم اللغة العربية والهوية الثقافية. حيث أوضح أن المركز أطلق العديد من المبادرات وأقام شراكات فعالة مع الجامعات، بهدف تعزيز الهوية العُمانية والحرص على الانفتاح الواعي على التنوع الثقافي العالمي.

وأكد ان من أبرز مبادرات المركز إطلاق معهد عُمان لغير الناطقين باللغة العربية، الذي تأسس عام 2012، ويستقبل طلابًا من دول متعددة مؤكداً ان الهدف من المعهد يتجاوز تعليم اللغة ليشمل إثراء التجربة الثقافية للمنتسبين وتعريفهم بالثقافة العُمانية الأصيلة.

كما سلط الضوء على أهمية جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب ودورها في دعم وتشجيع المترجمين، مؤكدًا أنها تُعد أحد أهم أدوات الاستثمار الثقافي، مع الإشارة إلى وجود أساتذة مقيمين من جامعة السلطان قابوس لضمان جودة المخرجات.

 

المتحف: أصالة وحداثة

من جهتها تحدثت موزة الوردية عن الآليات المتبعة في متحف عُمان عبر الزمان لدراسة الرموز والدلالات الثقافية. وأوضحت أن العمل يبدأ بتحليل دلالات ورموز المقتنيات كالصخور والمخطوطات  ثم يتم عرضها على الزوار بطريقة مبسطة ومناسبة لجميع الفئات.

وأشارت الوردية إلى اعتماد المتحف على التقنيات الحديثة لتعزيز تجربة الزائر، بهدف نقله من المفهوم التقليدي إلى تجربة حديثة وتفاعلية. وفيما يخص الترجمة داخل المتحف، أكدت أن المتحف يعتمد على الترجمة البشرية بشكل أساسي للحفاظ على دقة الرسالة الثقافية وأصالتها، مع استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة تعزيزية فقط.

 

وفي الختام، أكدت الندوة على أهمية استمرار هذه الجهود المشتركة لضمان استدامة الهوية العُمانية وتعزيز حضورها في المشهد العالمي. بالإضافة إلى ضرورة التوظيف الواعي للتكنولوجيا الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، لتعزيز الحضور الثقافي العُماني دون المساس بأصالته.

 

الندوة الثالثة ..... دور الترجمة في تعزيز التواصل الحضاري

وتحدثت الندوة الثالثة عن "دور الترجمة في تعزيز التواصل الحضاري". شارك فيها مختصين من مؤسسات وطنية معنية بالترجمة والتراث والثقافة، وذلك بالتعاون مع اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم.

أدار الجلسة الأستاذة رحمة بنت محمد الحبسية وشاركها كلًا من المكرم الدكتور عبدالله بن سيف الغافري من جامعة نزوى_أستاذ كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج وعلم المياه الاجتماعي، والدكتورة هدى بنت مبارك الدايرية من اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، والاستاذة عزّة بنت يوسف المعينية من المتحف الوطني، والأستاذة هند بنت سعيد الحراصية من متحف عمان عبر الزمان.

 

الترجمة والتراث الثقافي: حفظ الذاكرة وتواصل الشعوب

استهل الجلسة المكرم الدكتور عبدالله بن سيف الغافري بطرح ورقته البحثية حول الدور المركزي للترجمة في التراث الثقافي، مؤكّدًا على إسهامها في حفظ الذاكرة الجمعية ونقل التجارب الحضارية بين الأمم. وأشار إلى بعض التحديات التي قد يواجهها المترجم عند التعامل مع المفردات التراثية ذات الدلالات المعقّدة، كعدم فهم المصطلح بدقة أو اللجوء إلى النقل الصوتي دون مراعاة السياق الثقافي، مما قد يؤدي إلى فقدان الرسالة الأصلية.

 

اللجنة الوطنية: حضور ثقافي وشراكات دولية

من جانبها، قدمت الدكتورة هدى بنت مبارك الدايرية عرضًا حول الدور الثقافي للجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم. واستهلت حديثها بالتعريف برسالة اللجنة ورؤيتها وأهدافها، مؤكدة على التعاون الوثيق مع منظمة اليونسكو باعتبارها الشريك الأهم في تنفيذ البرامج الثقافية. كما أبرزت تسجيل تسع شخصيات عمانية في المنظمة، بالإضافة إلى الإصدارات والإنجازات التي حققتها اللجنة في مجالات الثقافة والتراث، ودورها في دعم الجهود الوطنية المرتبطة بالترجمة والتعليم.

 

الترجمة الرقمية: تحديات التقنية في نقل الثقافات

كما ناقشت الأستاذة عزّة بنت يوسف المعينية من المتحف الوطني أبرز تحديات الترجمة الرقمية، مبيّنة أن التطور التكنولوجي المتسارع يحمل فرصًا كبيرة لكنه يفرض تحديات تتعلق بدقة نقل المفاهيم الثقافية عبر المنصات الرقمية. وأوضحت أن الاعتماد المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي يستدعي وجود مراجعة بشرية واعية لضمان صحة المحتوى الثقافي ودقته.

 

المتحف الوطني: استراتيجيات ترجمة تحافظ على الأصالة

وقدمت كذلك الاستاذة هند بنت سعيد الحراصية عرضها الذي تناولت فيه ترجمة المصطلحات الثقافية والأمثال الشعبية العمانية، مستعرضة ثلاث استراتيجيات يعتمدها المتحف الوطني كنماذج عملية، وهي: الترجمة الشارحة والترجمة الوظيفية والترجمة السياقية وأكدت أن أبرز الإشكاليات تتمثل في أن العديد من المصطلحات العمانية تحمل دلالات متشابكة ومتداخلة، ما يجعل ترجمتها إلى لغات أخرى عملية دقيقة تتطلب فهمًا عميقًا للسياق الثقافي والاجتماعي.

 

وفي ختام الجلسة، أكد المشاركون على أهمية استمرار الجهود المشتركة بين المؤسسات الثقافية والأكاديمية بهدف تعزيز حضور الثقافة العمانية عالميًا، وضمان نقل التراث والهوية بأسلوب يعكس أصالتهما. كما شددوا على ضرورة التوظيف الواعي للتقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، بحيث تخدم العملية الترجمية دون التأثير على المعنى الثقافي أو القيمة التراثية للنصوص.

وتأتي هذه الندوات ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الثامن للجمعية الذي يسلط الضوء على التطورات الراهنة في دراسات الترجمة وآفاقها المستقبلية ويجمع نخبة من الخبراء والباحثين لمناقشة أحدث الاتجاهات في هذا المجال.

About the Author

ايمان الحسنية

ايمان الحسنية

محرر محتوى