ميكروبات تفتح باب الحل لأزمة البلاستيك

- استمع إليها: أحمد عبدالله الوهيبي
في وقت تتصاعد فيه التحذيرات العالمية من آثار التلوث البلاستيكي على البيئة والصحة، تبرز مبادرات طلابية واعدة تحمل في طيّاتها حلولًا علمية جريئة وذات بُعد مستدام. من بين هذه المبادرات، مشروع تخرج الطالبة هاجس بنت سعيد ناصر السعدية من قسم التقنية الحيوية بكلية العلوم في الجامعة، إذ قدّمت من خلاله تصورًا علميًا لتحويل النفايات البلاستيكية الضارة إلى مادة حيوية قابلة للتحلل وقادرة على دخول السوق البيئي العالمي.
إعادة تدوير بيولوجية تقوم على الميكروبات
المشروع الذي جاء تحت عنوان: “استكشاف إمكانية إنتاج البلاستيك القابل للتحلل الحيوي (PHA) من البلاستيك غير القابل للتحلل (PET) باستخدام ميكروبات من تربة ملوثة بالبلاستيك”، يقوم على فكرة استخدام كائنات دقيقة معزولة من بيئات ملوثة بالبلاستيك، قادرة على تحليل المواد البلاستيكية الصلبة وإعادة تشكيلها على هيئة بوليمرات حيوية قابلة للتحلل. هاجس السعدية توضح بأن هذا التوجه يسعى ليس فقط إلى الحد من التلوث، بل إلى إعادة إدماج النفايات في منظومة اقتصادية متكاملة، وقالت: “مشروعي يجمع بين معالجة التلوث وتحقيق قيمة اقتصادية من خلال تحويل المخلفات إلى بدائل صديقة للبيئة.”
بين الميدان والمختبر
استغرق تنفيذ المشروع ستة أشهر كاملة من الجهد الميداني والمخبري. وقد واجهت السعدية تحديات كبيرة في جمع وتحليل العينات، حيث تنقلت بين مواقع مختلفة لجمع ما مجموعه 162 عينة من أماكن ملوثة مثل الشواطئ والوديان ومواقع الطمر. وتقول: “كان لا بد من إخضاع جميع العينات للظروف التجريبية نفسها، وهذا تطلب دقة شديدة وجهدًا متواصلًا لتحليل النتائج وفق معايير موحدة.”
الصبر والتكرار أساس الإنجاز
تشير السعدية إلى أن المشروع لم يكن فقط تجربة بحثية، بل كان درسًا في الصبر والتعلم الذاتي، فقد واجهت العديد من التحديات المرتبطة بنتائج غير متوقعة أو تجارب لم تثمر عن نتائج واضحة. لكنها ترى أن الفشل المؤقت هو جزء أساسي من المسار العلمي، قائلة: “تعلمت أن الخطأ ليس النهاية، بل بداية لفهم أعمق، وأن التكرار هو مفتاح الوصول إلى نتائج دقيقة يمكن الوثوق بها.”
آفاق المستقبل
رغم أن المشروع جاء ضمن متطلبات التخرج، إلا أن السعدية لا تعده نهاية المطاف، بل بداية لأبحاث قادمة قد تحمل نتائج أوسع. وتخطط مستقبلاً لتوسيع نطاق البحث أو الدخول في شراكات مع مؤسسات بحثية وصناعية، مشيرة إلى أن البحث العلمي بطبيعته لا يتوقف عند حدود الجامعة، وقالت: “كل نتيجة تفتح أمامنا سؤالًا جديدًا، وهذا ما يجعل البحث مجالًا لا نهائيًا من الاكتشاف.”
حول إمكانية تطبيق المشروع على نطاق صناعي، تبدي السعدية تفاؤلها في ظل التوجه العالمي نحو الاقتصاد الأخضر والاستدامة، مؤكدة أن السوق البيئي بحاجة إلى حلول حيوية بديلة للبلاستيك، وأضافت: “هناك اهتمام متزايد عالميًا بابتكار مواد قابلة للتحلل الحيوي، ومشروعي يمكن أن يكون قاعدة لتطوير تقنيات إعادة التدوير البيولوجي في سلطنة عمان وخارجها.”
رسالة للطلبة: مشروع التخرج فرصة للتغيير
في ختام حديثها، توجه هاجس بنت سعيد ناصر السعدية رسالة إلى زملائها الطلبة، تدعوهم فيها إلى النظر لمشروع التخرج كفرصة لاكتشاف القدرات وليس كعبء دراسي، مؤكدة أن الإبداع لا يتطلب موارد ضخمة بقدر ما يتطلب الإصرار والرؤية. وقالت: “مشروع التخرج يمكن أن يكون نقطة تحوّل في مسارك العلمي أو المهني، فاغتنموه بكل شغف.” وتختم قائلة: “هذه التجربة كانت ثمرة سنوات من العمل والدراسة، ودليل على أن طلاب التقنية الحيوية لديهم القدرة على إحداث أثر حقيقي، متى ما توفرت لهم البيئة الحاضنة والدعم المناسب، وأود أن أتقدم بالشكر الجزيل على الدعم الكبير الذي قدمته الدكتورة هدى بنت سلطان البطاشية- أستاذ مساعد بكلية العلوم والمشرفة على مشروع التخرج.
About the Author