هل نضحي بما نحب لأجل ما نحتاج؟
- أماني بنت خصيب الجلبوبية،رئيسة قسم التوعية والتوجيه،بمركز التوجيه الوظيفي.
مع تغير وتيرة الحياة بشكل متسارع والنقلة التي أحدثتها الثورة الاقتصادية والمعلوماتية، أصبحت معظم قرارات الأفراد وخاصة الطلبة أكثر تعقيدا تماشيا مع التقلبات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن.
في السنوات الماضية كان الاقبال على التخصصات الأكاديمية نابعا من شغف حقيقي حبا في المعرفة ورغبة في التميز، أما ما يشهده العالم الآن فالحافز الرئيسي لاختيار المسار العلمي هو تحقيق الامان الوظيفي. يا ترى هل تخلى الطلبة عن أحلامهم وآمالهم العلمية؟ وماهي أهم الأسباب التي تقف خلف تغيير الأولويات في اتخاذ مثل هذه القرارات؟
في اللحظة الراهنة يعاني الطلبة من صراع داخلي شديد بين متابعة اهتماماتهم وشغفهم أو اختيار تخصصهم الذي يؤمن لهم مستقبل آمن في ظل تقلبات سوق العمل الحالية؟.
ففي ظل الظروف الإقتصادية أصبح البحث عن تخصص علمي يضمن لهم فرص عمل أكبر هو الملاذ الآمن بالنسبة للكثير من الطلبة.
كما تلعب المؤسسات التعليمية والوزارات المعنية دورا بالغا في توجيه الطلبة لمثل هذه الخيارات فهناك العديد من السياسات التعليمية التي تركز على تلبية احتياجات سوق العمل. لذا يجد الطلبة انفسهم في بيئة تفضّل التخصصات المرغوبة في سوق العمل أقرب وأمن لهم من اهتماماتهم الشخصية.
من منظور أكاديمي، يُعد الشغف العلمي أحد العوامل الرئيسية التي تعزز الابتكار، إلا أنه لا يمكن تجاهل أهمية المهارات التي يكتسبها الطلبة خلال دراستهم. فالنجاح في الحياة المهنية لا يعتمد فقط على الحصول على الشهادة الجامعية أو التخصص الأكاديمي، بل يتطلب أيضًا تطوير مهارات عملية تتماشى مع متطلبات السوق المتغيرة. لذلك، يرى الأكاديميون أن النجاح الحقيقي يتحقق من خلال تحقيق توازن بين الشغف العلمي والمهارات المهنية القابلة للتطبيق.
من منظور علم النفس التربوي، هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في اختيار الطلبة للتخصصات بناءً على احتياجات سوق العمل. تُعد الضغوط العائلية والمجتمعية من أبرز هذه العوامل، إذ يتوقع الأهل والمجتمع من الشباب تحقيق النجاح في مجالات تضمن لهم الأمان المالي والمكانة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الخوف من المستقبل وعدم اليقين بشأن الفرص الوظيفية المتاحة دورًا كبيرًا في هذا الاتجاه. كما أن قلة التوجيه المهني الذي يساعد الطلبة في التوازن بين شغفهم ومتطلبات السوق يدفعهم إلى اتخاذ قرارات تستند بشكل أساسي إلى احتياجات السوق بدلاً من اهتماماتهم الشخصية.
ومن الواضح أن اختيار التخصص العلمي بين الشغف ومتطلبات سوق العمل ليس بالأمر السهل في ظل التغيرات الاقتصادية والمهنية التي يشهدها العالم اليوم، أصبح سوق العمل هو العامل الأكثر تأثيرًا في توجيه مسارات الطلبة ومع ذلك، فإن التخلي الكامل عن الشغف المعرفي قد يؤدي إلى الشعور بعدم الرضا على المدى الطويل. لذا، من الضروري أن تسعى المؤسسات التعليمية إلى إيجاد حلول تجمع بين تلبية احتياجات السوق وتحفيز الشغف المعرفي لديهم، والجمع بين الشغف والمهارات العلمية هو الطريق الامثل لمواجهه تحديات الحياة المهنية المتغيرة.
About the Author