يستمتع بتحدي تعليقات المحكمين
- استمعت إليه: فدوى الجهورية
الاستثمار في العقول يحقق الفائدة الأعظم لأي دولة، والبحث العلمي والابتكار أحد الأجنحة المهمة لنهضة الأمم؛ لذا فإن المساهمة في تطوير البحث العلمي بالمجتمع العُماني كل حسب إمكانياته، تعد واجبا هذا ما آمن به وترجمه لواقع عبد الله بن محمد اللواتي، طالب بكلية الطب والعلوم الصحية في الجامعة.
عبد الله ليس مجرد طالب طب، لكنه سفير في المنظمة العالمية المهتمة بالبحث العلمي USERN بسلطنة عمان، ويرى أن البحث العلمي رحلة تعلم مستمرة تستوجب الخروج من منطقة راحتك وتجربة أشياء جديدة؛ لتصل إلى منصات النجاح، لذا فهو يستمتع بتحدي التعامل مع تعليقات المحكمين من المجلات العلمية، حسبما أكد لنا خلال حوارنا معه وإليكم التفاصيل:
- ـ حدثنا عن بداية رحلتك مع البحث العلمي؟
حاليا أنا سفير في المنظمة العالمية المهتمة بالبحث العلمي USERN، وطالب بكلية الطب والعلوم الصحية لكن بدايتي في مجال البحث العلمي كانت بتعلم الأساسيات في السنة الجامعية الثانية، فهناك مادة تُدَرَّس في الكلية على مدار ثلاثة فصول، والهدف منها تزويد الطلبة بالمهارات اللازمة وربطهم بدكتور (مشرف) من الكلية للاشتغال على بحث معين.
بالإضافة إلى ما تعلمته في الكلية، كنت أيضًا أشارك في دورات تدريبية عبر الإنترنت، وتواصلت أيضًا مع أساتذة آخرين للمشاركة في بحوثهم القائمة لاكتساب الخبرة، كما أن الدورات التعليمية والمشاركة في أكثر من بحث مع نخبة منهم هي التي ساعدتني في بداياتي وجعلتني اليوم رائدًا في هذا المجال.
أخبرنا عن أول تجربة نشر بحث علمي لك؟
أول دراسة نشرتها كانت عبارة عن سلسلة حالات في مجال جراحة الإصابات، وقاد هذه الدراسة أحد زملائي، حيث تمت عبر جهد تعاوني بين طلبة الطب في جامعة السلطان قابوس وجراحي مستشفى السلطاني، ولكنني اكتشفت أنه سواء كان هذا هو النشر الأول أو الثامن عشر، يبقى شعور نشر ورقة بحثية دائمًا شعورًا مميزًا ورائعًا. كما أنني أستمتع بتحدي التعامل مع تعليقات المحكمين من المجلات العلمية، وأحب العملية بأكملها لأنها تتيح لي بناء علاقات جديدة.
- ما المهارات التي اكتسبتها من البحث العلمي؟
على مدار السنوات شاركت في أبحاث مختلفة، الأمر الذي ساعدني على اكتساب مهارات عديدة، ولعل أول ما تعلمته هو القدرة على التحليل المعمق، حيث كنت اقرأ واستوعب دراسات متنوعة تتناول مواضيع طبية معقدة، ومع مرور الوقت وتعدد الأبحاث التي شاركت فيها، تحسنت مهاراتي في الكتابة الأكاديمية بشكل ملحوظ، مستفيدًا من أساليب كتابة الأطباء المختلفة، كما تعلمت كيفية إجراء التحليل الإحصائي واستخدام البيانات لإنشاء الجداول والأشكال اللازمة للدراسة ، كما طورت مهاراتي في التواصل من خلال العمل الجماعي مع فرق بحثية متنوعة، وأخيرًا، بدأت بقيادة الفرق وتعليم الآخرين كيفية إجراء الأبحاث. ومن خلال تقديم أبحاثي في المؤتمرات العلمية، تطورت مهاراتي في التحدث أمام الجمهور.
- ما التحديات التي تواجهك في مجال البحث العلمي؟
في مجال البحث، نواجه العديد من التحديات التي تبدأ بالصعوبات أثناء تنفيذ الدراسة نفسها، وتستمر إلى التحديات المتعلقة بنشر المشروع بعد إتمامه.
بالنسبة للتحديات أثناء الدراسة، قد نحتاج أحيانًا إلى استخراج بيانات من سجلات المستشفى لعدد كبير من المرضى، مما يجعل التعامل مع هذه الكمية الكبيرة من البيانات عملية تستغرق وقتًا طويلاً. علاوة على ذلك، فإن التعامل مع البيانات الكبيرة وإجراء التحليل الإحصائي يعد أمراً معقداً ويحتاج إلى دقة وعناية كبيرة. وعلى الرغم من أن كتابة البحث هي الجزء الذي أستمتع به أكثر، إلا أن تلخيص مشروع عملت عليه لعدة أشهر في مقال قصير قد يكون أمرًا صعبًا أحيانًا.
أما بالنسبة لتحديات النشر، فقد نعمل أحيانًا على مشاريع ممتازة تفتقر لتمويل، مما يجعل من الصعب العثور على مجلة مجانية مناسبة، وعادةً ما تستغرق هذه المجلات من 4 إلى 6 أشهر لمراجعة الورقة البحثية واتخاذ قرار القبول أو الرفض. لذلك أسعى في المستقبل للحصول على تمويل من الفرص المختلفة التي توفرها جامعتي لدعم جميع مشاريعي البحثية
ماذا عن دعم الأساتذة في الجامعة ؟
معظم مشاريعي كانت تحت إشراف أطباء منتسبين إلى جامعة السلطان قابوس أو مستشفى الجامعة. جميع الأطباء الذين تواصلت معهم في مختلف مراحل رحلتي البحثية، سواء كان ذلك للتعلم أو تنفيذ الأبحاث الفعلية، كانوا داعمين ومساندين. الأطباء دائمًا سعداء لرؤية طالب مهتم بالبحث العلمي.
كيف يصقل الطالب بحثه العلمي بجهوده الذاتية؟
بمجرد أن يكتسب الطالب مهارات البحث الأساسية، ويشارك في مشاريع بحثية مختلفة ويفهم ويشعر بالراحة مع العملية، يمكنه حينها أن يتقدم خطوة أخرى من خلال تقديم أفكاره إلى الباحثين، بل يمكنه قيادة فرق من الطلبة الأصغر سناً. هذه هي المرحلة التي أنا فيها اليوم، حيث أقود حالياً مشاريع مختلفة مع مشرفين مختلفين وأقوم بتعليم الطلبة الأصغر سناً الأساسيات وأرشدهم على طول الطريق.
بالإضافة إلى ذلك، بمجرد أن تكتسب المهارات اللازمة، يمكنك استهداف أنواع الدراسات الأكثر تعقيدًا واستهداف أقوى المجلات عند النشر. هذا هو ما أفعله وأعمل عليه. أيضًا، تأكد من تقديم دراساتك والمنافسة في المؤتمرات الدولية، حيث إن جزءًا كبيرًا من البحث هو مشاركة مشروعك ونتائجك ونشر المعرفة في المجتمع العلمي. في النهاية، تذكر أن العالم يحتاج إلى باحثين لدفع العلم إلى الأمام، لذا فمن مسؤوليتنا أن نشارك باسم وطننا العزيز ونصل إلى آفاق جديدة.
- ما نصيحتك للطلبة المهتمين بالبحث العلمي؟
أفضل نصيحة يمكنني أن أقدمها لكل- الباحثين الطموحين هي أولاً تكوين أساس قوي من المعرفة عن البحث العلمي، سواء من خلال الدورات التدريبية على الإنترنت أو من خلال الندوات التي تُقدم في الجامعة. كما أنصحهم بتغطية أكبر عدد ممكن من المواضيع ولكن ليس بشكل عميق، حيث سيتعلمون الباقي من خلال إجراء البحوث الفعلية. بعد اكتساب الأساسيات، أنصح الطلاب بالتواصل مع أساتذتهم (بعضهم قد درسهم في الفصول الدراسية) لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم المشاركة في مشاريع بحثية، هذه أمر يتطلب الشجاعة، وقد يقول بعض الأساتذة إنهم مشغولون، ولكنهم سيكونون سعداء جدًا بالمساعدة وتدريب الطالب على البحث العلمي.
ما إن تجد نقاط قوتك وتجد طريقة لتسهيل عمل أستاذك البحثي، ستفتح أمامك العديد من الفرص. البحث العلمي لا ينتهي أبداً، فهو عملية تعلم مستمرة؛ لا تخف من الخروج من منطقة راحتك وتجربة أشياء جديدة، حتى لو لم تكن تعرفها، ما دمت مستعداً للتعلم، ستحقق النجاح.
About the Author