X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

4 يناير يوم لتذكير العالم بالأشخاص المكفوفين

 

  • معاذ بن خلفان الرقادي - كلية الآداب والعلوم الاجتماعية.  

 

في ذكرى اليوم العالمي للاحتفاء بطريقة برايل الذي يصادف 4 يناير من كل عام، هو دعوة لتذكير العالم بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن بينهم الأفراد المكفوفون، الذين فقدوا بصرهم بشكل كلي أو جزئي، الذين يشكلون نسبة ملحوظة في مختلف المجتمعات حول العالم. وطريقة برايل التي تحمل اسم مخترعها الفرنسي "لويس برايل" هي نظام لكتابة وقراءة النصوص عبر مجموعة من النقاط البارزة يمكن تحسسها بأطراف الأصابع، حيث ابتكرت هذه الطريقة في القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الحين تحولت إلى أداة أساسية للتواصل والتعلم للأشخاص المكفوفين حول العالم.

كما تكمن أهمية طريقة برايل في تمكينها الأشخاص المكفوفين من الوصول إلى مصادر المعرفة بشكل مستقل، دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، مما يعزز من فرصهم في التعليم والعمل والتفاعل الاجتماعي، وهي لا تقتصر على النصوص الصريحة فقط، بل تمتد لتشمل الرموز الرياضية والموسيقية، مما يوسع آفاق استخدامها لتشمل مختلف مجالات المعرفة الإنسانية.

كذلك تتجاوز أهمية طريقة برايل حدود القراءة والكتابة، فهي تمثل رمزاً للتحدي والإصرار والسعي للتغلب على التحديات، ففي كل نقطة بارزة يتحسسها الفرد المكفوف بأطراف أصابعه، يتمكن من تخطي حاجز الظلام إلى عالم المعرفة، والقدرة على التفاعل مع البيئة من حوله بشكل أفضل. ومع مرور الزمن تواصل طريقة برايل تطورها بفضل التكنولوجيا الحديثة لتلبية الاحتياجات المتزايدة التي يتطلبها التطور السريع في مختلف جوانب الحياة لتكون أكثر فاعلية وانتشاراً.

في هذا السياق سعت جامعة السلطان قابوس منذ قبولها لأول دفعة من الطلبة المكفوفين في العام الأكاديمي 1997/1998م في تقديم الدعم اللازم الذي يضمن قدرة الطلبة على تجاوز التحديات الدراسية، وتذليل العقبات التي تعترض مسيرة حياتهم اليومية في الحرم الجامعي. وعلى الرغم من أن السنوات الأولى شهدت قبول عدد محدودا من الطلبة في تخصص دراسي واحد فقط ، فقد شهدت الأعوام ما بعد 2011م نموا ملحوظا، فقد ازداد عدد المقبولين سنويا ليصل إلى 10 طلبة، وفي العام الأكاديمي الحالي 2023/2024م بلغ عدد الطلبة ذوي الإعاقة المقيدين في الجامعة حوالي 70 طالبا وطالبة، من بينهم عدد لا يقل عن 35 طالبا وطالبة من المكفوفين، وقد ارتفع عدد التخصصات الدراسية التي يدرس فيها هؤلاء الطلبة ليبلغ أكثر من  10 تخصصات في عدة كليات في الجامعة.

تعتمد الجامعة نهجاً شاملاً في تسهيل العملية التعليمية للطلبة المكفوفين من خلال توفير المواد والكتب الدراسية بطريقة ميسرة تتلاءم مع طبيعة إعاقة كل فرد، من بينهم الطلبة المكفوفين الذين يحصلون على موادهم الدراسية بطريقة رقمية تتوافق مع الصيغ المستخدمة في قراءة النصوص بطريقة برايل، كما عملت الجامعة على تجهيز المرافق العامة في الكليات التي يدرس فيها الطلبة المكفوفين بتجهيزات تسهل عملية تنقلهم بين مرافق المباني المختلفة، من خلال تجهيزها بمسارات أرضية بارزة تساعد المكفوفين على التنقل بين القاعات المختلفة دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، بالإضافة إلى تزويد مختلف القاعات بلوحات إرشادية بطريقة برايل، إلى جانب تجهيز معامل متخصصة مزودة بأحدث التقنيات المساعدة، من بينها تلك التقنيات التي تعتمد على طريقة برايل، مثل طابعات برايل الإلكترونية وأسطر برايل الإلكترونية التي تعد بمثابة مفكرة لتدوين وقراءة الملحوظات، وبرامج قارئات الشاشة التي تحول النصوص على شاشة الحاسوب إلى أصوات مسموعة أو إلى رموز برايل يمكن تحسسها باستخدام أصابع اليد.

إضافة إلى ذلك، تشجع الجامعة على استخدام التطبيقات والبرمجيات التي تدعم برايل، مما يسهل على الطلبة المكفوفين التفاعل مع المحتوى الرقمي، هذه الخطوات تساهم في رفع الدافعية لدى الطلبة وتعزز استقلاليتهم، كما تفتح لهم أبواب الابتكار والإبداع.

وهنا لا بد من التأكيد على الدور الذي تلعبه هذه الطريقة في تحقيق الدمج والمساواة في حصول الأفراد بمختلف إعاقاتهم على حقوقهم الأساسية للوصول إلى البيئة المحيطة بشكل ميسر، إن طريقة برايل ليست مجرد نظام للقراءة والكتابة، بل هي جسر يربط بين عالمين، وأداة تمنح الثقة والاستقلالية لمن يستخدمها، ولهذا فإن الاستمرار في دعم وتطوير التقنيات المساعدة القائمة على طريقة برايل، تساهم في بناء مجتمع أكثر شمولية وقبولا للتنوع.

About the Author