• الدكتورة/ أسماء بنت سالم اليحيائية - أستاذ مساعد بقسم الأساسيات والإدارة- كلية التمريض.

لم تكن سنوات الغربة بالأمر الهين على قلوب تمتلئ بالحنين لأوطانها لحظات قاتمة معتمة تلك التي تسترجعها ذكرياتنا، ساعات الانتظار في المطارات واجراءات الوصول، لحظات الوداع المقيتة لأحبائنا، وساعات مريرة لإفراغ الحقائب، وغصة تبقى في حناجرنا لأول أسبوع من وصولنا لبلد الاغتراب.

لكن لم تكن هذه اللحظات إلا جزءاَ بسيطاً من رحلة ممتدة مليئة بساعات اجتهاد طويلة، ولحظات للانطلاق في بلد جديد فيه الكثير من الأشياء المختلفة عما عهدناه، رحلات لأماكن ساحرة بجمالها وطبيعتها، ساعات طويلة في مكتبات وجامعات مرموقة، اصدقاء غربة تضعهم الصدفة في طريقك ليصبحوا الاقرب لقلبك وإن باعدتنا المسافات، لحظات انتصار على صعوبات ما لبثت أن تلاشت أمام إصرار بلا حدود، تكتمل بلحظات فخر بتحقيق ما كان بالأمس حلماً بعيد المنال.

سنوات الاغتراب، سنوات طوال أخذت من العمر أجمله وأخذنا منها حياة مختلفة، لم أعد تلك الفتاة التي بدأت رحلة الابتعاث قبل عشر سنوات.

عقد من الزمن خضت فيه أغوار ثقافات جديدة وتعلمت فيه أن الاختلاف ثراء وخلاف فقر، تعلمت فيه بأن العلم لا قاع له وأن المجد مخلد بالعلم والأخلاق فالإنسان يرقى بعلمه ويرتفع بطيب خلقه وتواضعه، تعلمت أنه من الجميل أن نبحث عما هو جديد وعصري ولكن الأهم أن تبقى أرواحنا متمسكة بجذورها وما تربت عليه.

أعطتني سنوات الاغتراب ما لم أكن أحلم فيه، لم تكن مجرد شهادات افتخر بها فقط وإنما كانت فرصة جديدة لأحيا وأتجدد.