X638311283768843821

 



  

Banner-02638735669713724437

 

التنمر على مرضى الكورونا

21 Jul, 2020 |
  • د. حمد بن ناصر السناوي - استشاري أول الطب السلوكي- مستشفى الجامعة.

يقول أحد الزملاء: "قبيل رفع الحظر الصحي عن ولاية مطرح، قام أحد أعضاء مجموعة الواتس أب بنشر عبارة (غدا سيخرج الزومبي من حارات مطرح). ورغم أنه يقول أنها مجرد دعابة إلا إن الموضوع استوقفني قليلا، فأرسلت له رسالة خاصة اقترحت عليه حذف العبارة لأنها تعد تنمرًا على مرضى الكورونا وسكان مطرح".

ليست هذه الحالة الأولى التي يتم فيها معاملة مرضى الكورونا ومن حولهم بشكل سلبي، فمع بداية الجائحة تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات من بعض الدول العربية لأفراد من شرق آسيا يتم مناداتهم بالكورونا وطردهم من المطاعم وسيارات الأجرة أمام ضحكات المارة وتشجيعهم لما يحدث. هذا التنمر الجماعي أصبح سلوكًا متقبلًا عند البعض وامتدت آثاره لتشمل المواطنين الذين أصيبوا بالعدوى، مما دفع البعض إلى كتمان إصابته بالأعراض خوفًا من ردة فعل من حوله، أو شعوره بالخجل وكأن الكورونا يجلب للمريض وصمة العار.

تقول إحدى الطبيبات المتدربات: "عندما تم إعلامي بأنني مصابة بالكورونا شعرت بتأنيب الضمير وكأنني قصرت في اتباع الإجراءات الوقائية وبذلك أكون قد خذلت أفراد أسرتي ومرضاي وزملاء العمل وعرضتهم للخطر". ولا تقتصر المشاعر السلبية ضد مريض الكورونا على فترة الحجر بل تمتد لفترة طويلة، يقول أحد المرضى: "بعد أن أكملت أسبوعين من الحجر المنزلي كنت متلهفًا للعودة إلى الحياة الطبيعية وقضاء المزيد من الوقت مع أفراد أسرتي، لكنني تفاجأت بأن البعض يبالغ في ردة الفعل إذا عطست، فيخرج من المكان أو يسألني إذا كنت قد شفيت فعلا من الكورونا، حتى أن البعض طلب مني إجراء فحص آخر للتأكد من خلوّي من الفيروس رغم أن الجهات الطبية لا ترى داعيًا لذلك".

فيما يلي نتطرق إلى بعض الأسباب التي تدفع الآخرين إلى هذه السلوكيات السلبية تجاه مرضى الكورونا:

أولا، قلة الوعي عن مرض الكورونا وطريقة تجنب العدوى، فرغم الدراسات العلمية المكثفة وتعليمات منظمة الصحة العالمية التي تُحدَّيث بشكل دوري، لا يزال بعض العلماء في حيرة من كيفية تأثير الفايروس على المصاب، ففي بداية الجائحة كانت المعلومة السائدة بأن الآثار القاتلة للفيروس تصيب كبار السن بشكل خاص لكن مع مرور الوقت سمعنا عن وفيات في فئة الشباب، كذلك بالنسبة للعلاجات واللقاحات التي تم تداولها لفترة زمنية ثم صدرت بيانات تفيد بعدم جدواها مما بدد الشعور بالأمل من هذه الجائحة.

ثانيا، الأبعاد المختلفة للجائحة والتي لم تقتصر على أعراض المرض بل امتدت لتشمل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، كإغلاق الأعمال وما تبعه من خوف وقلق على المدخول المالي. كذلك الحجر المنزلي والعزلة الاجتماعية التي أصابت العديد من الأفراد خاصة المغتربين منهم والذين وجدوا أنفسهم بين أربعة جدران، فرغم التواصل الهاتفي أو المرئي مع الأهل والأحباب، فثمة متسع من الوقت تتسلل إليهم خلاله بعض الأفكار السلبية التي تؤدي إلى الهم والحزن.

ولنكن منصفين، الجائحة أظهرت بعض الجوانب الإيجابية التي تدل على التكافل الاجتماعي ومساعدة الإنسان لأخيه في أوقات الشدة، إذ سمعنا عن مجموعة من الشباب أنشأوا مبادرة توزيع الطعام للعمالة الوافدة وجمع التبرعات لمن فقد وظيفته بسبب الجائحة، ولا ننسى جهود الجهات المختلفة في نشر الوعي الصحي بكيفية الوقاية من الكورونا بلغات مختلفة لكي تصل المعلومة الصحيحة لجميع أفراد المجتمع، ووفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح.

 

 

About the Author