قرأتُ فتحدَّيتُ الإعاقة!
إن الإرادة الصادقة والقوة الروحية تصنع المعجزات وتتغلب على جميع تحديات الحياة، فالإعاقة ليست عقبة وإن حرمتك من دراسة نظامية وأعاقت 90% من جسدك ثلاثين عامًا، إذ إن القراءة كانت طريقي نحو العالم، والتكنولوجيا كانت سبيلي لغايتي من خلال الاستعانة بالحاسب الآلي والهاتف المحمول، هنا أشارككم بعض تفاصيل تجربتي القرائية التي بها تحدّيت إعاقتي.
في ظني أن الإنسان سوف يظل يقرأ الكتاب الورقي ما توفرت الكتب الورقية، صحيح أن مواقع الشبكة العنكبوتية تتوفر بها مئات الآلاف من الكتب الإلكترونية ويمكننا الحصول عليها بسهولة ومجانًا (في أغلب الأحيان)، ولكن باعتقادي أن الكتاب الورقي سوف يظل له وضعه الخاص، يعي كلامي جيدًا من جرب متعة تقليب الأوراق ورائحة الورق، فحتى حين البحث عن معلومة ما، أرى أنها ستظل أكثر رسوخًا لدى الشخص حينما يتعلق الأمر بالبحث في الكتب الورقية، وفي المقابل كذلك لا ننكر الفوائد العديدة التي تقدمها لنا التكنولوجيا والتي تنبثق منها المواقع والكتب الإلكترونية، فالكتاب الإلكتروني يعطينا حلولًا لفئات معينة من المجتمع، كفئة ذوي الاحتياجات الخاصة شديدي الإعاقة الحركية، وفئة الدخل المحدود ممن يصعب عليهم اقتناء الكتب الورقية.
و أرى أن كثيرا من الناس يواجه صعوبة في إيجاد وقت للقراءة، لكنني أجد أن الأمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالرغبة بالقراءة، فالقارئ الحقيقي يضع القراءة كالأكل والشرب فلا يستطيع الاستغناء عنها، وبالتأكيد أن عصر السرعة أخذ الكثير من وقت الإنسان الذي كان يخصصه للقراءة، ولذلك أظن أن عمل جدول يومي أو أسبوعي (مقرونًا بالرغبة طبعًا) ربما يكون الحل الأمثل، ورغم أن عصر السرعة له سلبياته على القارئ فإن له إيجابياته وتقنياته التي أتى بها، فالتكنولوجيا التي نستخدمها تقدم لنا تسهيلًا كبيرًا للوصول للكتاب والمعلومة بشكل عام والقارئ الذكي من عرف كيف يستغلها.
من تجربة شخصية أستطيع القول أن اختيار الكتاب لا يرضخ للعصر المعيش، فكما قال المتنبي منذ قرون "خير جليس في الزمان كتاب"، فموضوع الكتاب وعمقه لا يرتبط كثيرًا بالزمن الذي يعيشه الإنسان، فلكل زمن احتياجاته وانشغالاته، وأرى شخصيًّا أن مواضيع كتب هذا العقد أكثر سطحية من العقد السابق، ورغم هذا فالدراسات تشير إلى أن القُراء في العالم العربي أقل بكثير من الأوربيين كمثال، وهذا يعطينا مؤشرًا أن اختيار الكتاب ومضمونه لا يرتبط بعصر معين، أو موضوع معين بل هو نتاج وعي بأهمية القراءة ودور الكتاب في تشكيل ما أحب أن أطلق عليه (بؤرة الإبداع المعرفي)، ولكي نصل إليه علينا أن نؤمن أننا نستطيع تحويل عصر السرعة إلى عامل مساند بجانب الحب والإيمان بالقراءة.
About the Author