أنا مشغول
- أماني بنت خصيب الجلبوبية ـ دائرة شؤون الموظفين
كثيرًا ما نسمع كلمة أنا مشغول، فأنا مشغول وأنت أيضًا مشغول.. لكن يا ترى فيمَ نحن مشغولون؟ سؤال مهم جدًّا.
ليس من المستساغ أن تطلب من شاب عمره 14عامًا أو شخص متقاعد أمرًا ويقول: أنا مشغول. الجميع اليوم يرفع شعار أنه مشغول، لذا يجب أن نتأمل بماذا ينشغل الناس.
عندما أرد التتار غزو بلاد المسلمين أرسلوا جاسوسًا من أجل أن يُحدد بما ينشغل المسلمون (ما هي اهتماماتهم؟)، وعندما دخل الجاسوس وجد شابًا عمره 14عامًا ينظر إلى القمر، فقال له: بمَ تفكر؟ قال: إني أفكر كيف أخدم أمتي. انصدم الجاسوس من تفكير ذلك الشاب، ونفسه تهمس كيف يفكر بذلك وهو بهذا السن؟، فأخبر القيادة بما سمع، وقال: ابن 14عامًا يفكر بهذه الطريقة فماذا ترك لكبير السن؟ إذن لا نستطيع أن نغزوهم.
ظل الحلم عند التتار، وأُرسل الجاسوس من أجل أن يجس النبض، ووجدوا شابًا أيضا ينظر إلى سطح القمر، فسألوه بمَ تفكر؟ قال الشاب: إني محتار في مطلع قصيدة غزلية أهديها لحبيبتي. فعاد الجاسوس وقال للناس: الآن بإمكاننا أن نغزوهم فقد تغير تفكيرهم لأن اهتماماتهم قد تغيرت.
نفهم من هذه القصة أنه أحيانا تتغير الاهتمامات من عميقة إلى سطحية ومن عامة إلى خاصة هذا يغير مسارات أمم وحضارات وشعوب، وهذا الموضوع يجرنا إلى أن نتأمل قضية الانشغال ونفهم من علامة يساوي النتائج أهي مجدية أم غير مجدية؟، لذلك لابد أن نفرق بين قضية الانشغال وقضية الإنتاجية، لأن ليس كل إنسان مشغول هو إنسان منتج، بعض الناس ـ بل الكثير منهم ـ مشغول بأشياء ليست لها قيمة، بعض الناس يردد أنا مشغول أنا مشغول، لكن قلة من الناس يتأمل هل هذا الانشغال يمثل له قيمة مضافة؟ الإنسان المستبصر الموفق هو الذي دائمًا يقّيم أعماله ويقيّم علاقاته ويقّيم أفكاره، يأخذ ما صفا ويترك ما تكدر.
الرسول الكريم يقول: "إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة". قد يكون عندك 100بعير ولكن لا أحد منهم مجدي بالنفع (ولا واحد تقدر تعتمد عليه).
عليك أن تقّيم علاقاتك بين كل فترة، عليك أن تراجع (أفكارك، علاقاتك، أعمالك، قدواتك، عاداتك)، ركّز فيما يضيف إليك وابتعد عن كل ما يأخذ منك، بعدها لن تقول أنا مشغول إلا عن الأشياء التي تستحق الانشغال بها، ركّز دائما بعد علامة اليساوي (النتائج) وستعيش بقيمة مضافة عالية.
About the Author