قابوس المعلم والحكيم.. غيض من فيض
- علي بن ناصر الحضرمي / مدير النشاط الثقافي والرياضي.
"سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُّعَدَاءَ لمستقبل أفضل" نعم يا سيدي لقد وعدت فأوفيت، وسعيت جاهدًا لتحقيق أحلامنا وها نحن اليوم نتمتع برغد العيش، لأنك أوفيت بوعدك الذي قطعته على نفسك أولا وعلى هذا الشعب الوفي بأن تبذل قصارى جهدك لجعل عمان وشعبها في نور وسلام.
لقد كان تركيز جلالته ـ طيب الله ثراه ـ واهتمامه بالعلم واضحًا وجليًّا، لإيمان جلالته بأن العلم هو من أهم ركائز بناء الأمم، وبه ترقى وتبقى. حيث قال: "تعلموا ولو تحت ظلال الشجر"، وهذه دعوة لا تدع لكل طالب علم مجالا للتراخي أو الأعذار، فالعلم لا يحتاج إلى مبانٍ شاهقة، ولا لصروح مبهرجة، وإنما يحتاج إلى عزيمة وإصرار وعقول لا تكل من البحث والاستذكار، كما قال ـ رحمه الله ـ في حفل افتتاح جامعة السلطان قابوس: "إننا نعيش عصر العلم ونشهد تقدمه المتلاحق في جميع المجالات"، نعم لم يكن جلالته طيب الله ثراه بعيدًا عن تطورات العصر وتحولاته، بل كان يراقب من كثب ويسعى للأخذ من هذا التطور بما يلائم حياة الفرد العماني ويُسهم في رقيه. فكانت كل كلماته تحث على العلم والعمل، وأخذ الصالح من السابقين ونبذ الطالح.
إننا إن تتبعنا خطابات جلالته سواء في احتفالات البلاد بالعيد الوطني أو في جامعة السلطان قابوس أو في لقاءاته السنوية أثناء الجولات التفقدية لجلالته ـ طيب الله ثراه ؛ لوجدنا أن الحثَّ على العلم والعمل من أساسيات هذه الخطابات واللقاءات مما يدل دلالة واضحة على تركيزه ـ رحمه الله ـ على بناء الإنسان فكريًّا وعقليًّا قبل كل شيء، وما ذلك إلا دليل حكمة وحصافة رأي.
إن دراسة متعمقة لشخصية جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ لن تُحصيها كلمات، فهو الأب والقائد والمربي والمعلم والحكيم والأمين والمؤمن برسالته وبأن عمان أمانة يجب أن تُصان، وهو الإنسان الذي ضحى ليعيش حياته متنقلا بين مدن وقرى هذا البلد الغالي مستمعًا ومشاهدًا وملبيًا لكل طلب، ومتابعًا لكل المشاريع والمنجزات، وهو في ذات الوقت منتبهًا ومراقبًا لكل ما يدور حوله من سياسات وصراعات وأزمات لينأى بعمان عن كل ذلك، ولتبقى الوطن الحصين الذي يحترمه القاصي والداني ويشهد بأمنه ورخائه القريب والبعيد، وليجعل عمان وجهة عالمية تستهويها الأنفس لتهرب من منغصات الحياة ومشاكلها..
لا نقول في مصابنا الجلل إلا إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا لقضاء الله وقدره ممتثلون، ونتضرع إلى الله العلي القدير أن يجزي السلطان قابوس عنا خير الجزاء وأن يجعله في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يجعل خلفه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم خير خلف لخير سلف، وأن يعينه على حمل هذه الأمانة الملقاة على عاتقه كما حملها من قبله بكل عزيمة وعزة واقتدار إنه سميع مجيب الدعاء.. اللهم آمين!
About the Author