X638311283768843821

 



BosherHallInSide

  

 

عرفته قبل أن ألتقي به

06 Mar, 2019 |
  • د . سلطان محمد الهاشمي /  كلية الآداب والعلوم الاجتماعية.

في عام 1993 كنت مبتعثا للدكتوراه في ذلك الصيف كنت في أمريكا عندما اتصلت بي السفارة العمانية في لندن تخبرني أنني قبلت في جامعة إكستر في الجنوب الغربي من بريطانيا ونصحوني بالتواصل مع سالم تبوك لأي صعوبات قد أواجها أو أي معلومات عن الجامعة والمدينة.

هكذا كانت طبيعة سالم تبوك يحب ويبادر إلى فعل الخير، طبعا تواصلت معه وأجاب على كثير من أسئلتي قبل أن أراه.

في مدينة إكستر كان الدكتور سالم يشكل مركز التقاء، ليس للطلبة وزملائه العمانيين وحدهم، بل كان محبوبا من الطلبة الخليجيين عموما، كان دائما سعيدا بأن يرى أبناء مجلس التعاون يعبرون عن مجلسهم تعبيرا مصغرا يتبادلون الآراء حول خليجهم الواحد، نلتقي في منزله وكأنه منزلنا جميعا، نشعر بالراحة بعد عناء المحاضرات ومتابعة الأبحاث، كانت نكاته ودماثة أخلاقه تشعرك أنك مرحب بك في القلب قبل البيت هكذا كانت طبيعته طبيعة الجبال الشامخة الخضراء في ظفار الجميلة التي لا يخرج منها إلا الجميل.

أثناء احتفالات السفارة العمانية في لندن بمناسبة العيد الوطني كان سالم تبوك دائما في مقدمة الحضور، في أحد اللقاءات كان من ضمن الحضور مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء التي قد انتهت فترة رئاستها في ذلك العام، وبعد الحفل الرسمي جلست مع سالم تبوك تتبادل الحديث معه ونحن ننظر إليه بغبطة وفخر في الوقت الذي لم نحصل نحن فيه إلا على سلام سريع.

ونحن في إكستر بدت لي فكرة أن أشتري منزلا وكان سالم يملك منزلا فأخبرته برغبتي في شراء منزل ولكن ليس معي المال فقال لا بأس خذ قرضا، فقلت له أن البنك سيطلب ضمانات فأجاب: نتدبر الأمر.

في اليوم التالي اتصل بي وقال: "خلي زوجتك تعمل لنا كيكة وتعال عندي ضيوف على العشاء". كان قد ضيّف نائب مدير البنك في المدينة وزميلا له، وبعد العشاء التفت إلي نائب المدير وقال له هذا الرجل يريد أن يشتري منزلا ويريد قرضا، فأجابه إذا كان الضامن سالم تبوك فسوف نعطيه ما يريد، هكذا كان وزن سالم تبوك حتى مع الإنجليز.

ثم عدنا جميعا إلى جامعتنا المحبوبة جامعة السلطان قابوس وفي قسم الاجتماع والعلم الاجتماعي تحديدا بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية. مكتبه كان دائما مزدحما بالطلبة، ليس من التخصص وحده فقط، بل تجد عنده طلبة من كليات وتخصصات مختلفة إلى جانب طلبة الدراسات العليا العمانيين والأوروبيين أو الأمريكيين، خاصة من الباحثين في مجال الدراسات الأنثروبولوجية.

كنت دائما عندما تزيد علي ضغوط العمل أثناء رئاستي للقسم ألجأ إلى الدكتور سالم تبوك لأتجاذب معه الحديث وأحيانا للاستشارة، كان دائما أنيقا في لباسه ومظهره يبث فيك روح البهجة والسرور، سألته مرة: "دكتور أنت ما تشيب"؟، فقال باللغة الإنجليزية التي كان يجيدها كالإنجليز وباللهجة الأرستوقراطية:

You are using the wrong shampoo

دكتور سالم كان مثقفا إلى جانب كونه أكاديميًا متخصصا في علم الأنثروبولوجيا. فكيف ننسى هذه الشخصية المتميزة التي لم تكن الإعاقة الجسدية تمنعه وتحد من مقدراته. اللهم ارحمه واغفر له وعوض أهله ومحبيه خيرا.

 

 

About the Author