X638311283768843821

 



  

Banner-02638735669713724437

 

كورونا هل شحنت بطارية "خير جليس"؟

استطلاع: مآثر بنت محمد المحاربي

“يصطحب ضيفه إلى حيث مكتبته القابعة في غرفة صغيرة داخل منزله، ثم يمد يده إلى أحد أرففها؛ ليتخير كتابا ويقرأ ما تيسر منه لضيفه، وكان هذا هو واجب الضيافة الثاني، بعد القهوة التي يقدمها لزواره، فلا كلام بينهما إلا القراءة”.

المشهد السابق أنقله لكم من منزل ” الرافعي” إمام الأدب وحجة العرب، بعدما أصيب بالصمم الكامل، ولم يكن قد جاوز الثلاثين من عمره، فقد رفض صاحب “وحي القلم” الاستسلام لمحنة المرض وحولها لمنحة القراءة، لكن كيف حالك أنت مع القراءة في زمن كورونا التي طرقت 379 ألفَ بابٍ في السلطنة؟ هل توطدت صداقتك أكثر بالكتاب؟ هل اقتنعت أكثر بمقولة العقاد: “اقرأ كتاباً جيداً ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جيدة”؟ أو هل أنت نصف طالب؟ لأنك لا تقرأ أصلا.

حبل علامات الاستفهام طويل؛ لذا قررنا أن نضع لها نهاية بطرحها على عدد من الأكاديميين والطلاب.

 

“القراءة بمثابة تنفيس الطاقة لدي والكتاب كالرفيق الذي يؤنس الوحدة”، هكذا عبرت الدكتورة سناء بنت طاهر الجمالي -أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية- عن قراءتها للكتب خلال جائحة كورونا، مؤكدة أنه في فترة وباء كورونا أصبحت قراءتها للكتب أكثر كثافة مضيفة: “بعد المحاضرات والاجتماعات التي كانت عن بعد، أشعر بفراغ نتيجة عدم الخروج بسبب القلق من الوباء، لذلك كانت القراءة كالملجأ الذي ساعدني في تخفيف التوتر النفسي الذي أصاب معظم الناس في تلك الفترة.

ترميم العلاقة

يجيب الدكتور سيف بن ناصر المعمري -أستاذ مشارك بقسم المناهج والتدريس بكلية التربية- عن علامات استفهامنا السابقة بقوله: “العزلة القصيرة التي فرضتها الإجراءات الاحترازية ساعدت في ترميم العلاقة مع الكتاب لدى الذين هجروه، وأرى أن الجائحة فعل من أفعال مقاومة اليأس والعزلة، والقلق من خلال نقل الإنسان إلى عوالم أخرى ودفعه إلى التفكير والتأمل في هذه الحياة التي أوقفها فيروس صغير، وقطع أواصر أممها وحبس سكانها في جزر صغيرة، ومثل هذا التأمل ربما يقود إلى إخراج الإنسان –ولو لفترة زمنية قصيرة– من نطاق الحياة المادية الاستهلاكية التي تختفي فيها هذه التأملات والتساؤلات الكبرى عن معنى الحياة والأشياء والعلاقات والموت، والعزلة والتواصل”.

نصف طالب

ـ كيف يستطيع الطالب تنمية قراءته في زمن كورونا؟
السؤال طرحناه على د. المعمري، فأجاب: ليس هناك وصفة يمكن تقديمها للطالب لكي ينمي قراءته؛ إلا إن كان يشعر أنه غير معافى بدون تقليب صفحات الكتب، وبدون رحلة افتراضية لكتاب ما ومع مؤلف ما، إلا إن كان يشعر أن حياة واحدة لا تكفي، ولابد من ربط هذه الحياة بحيوات أخرى تعمق التجربة الإنسانية؛ فالقراءة أشبه بدواء نأخذه كي نقلل كثيرا من الضغوطات التي تواجهنا، وكي نستعيد التوازن في ظل حالة الدوار الدائم التي نشعر بها مع كل هذا البث اليومي لشبكات التواصل والذي يقودنا إلى الاضطراب أكثر من قيادتنا للاتزان، والطالب بدون قراءة هو نصف طالب وربما أقل من ذلك، وحتى يكمل ذلك النصف ويكون أكثر وعيا لا بدَّ أن يقرأ بطريقة منظمة ليس في تخصصه فقط، وإنما في جوانب أخرى تعلي من ذائقته، وتحسن من نظرته للحياة.

مزايا عديدة

يرى الدكتور نور الدين محمد الشيخ عثمان -رئيس قسم دراسات المعلومات بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية- أن الذي جعل القراءة مختلفة في ظل جائحة كورونا هو أن القيود التي فرضت على القرّاء جعلتهم يتجهون إلى القراءة من المصادر الإلكترونية، كما أن القراءة للفرد خلال الجائحة كان لها دور عظيم خاصة في ظل القيود والحظر؛ وبالتالي هي فرصة سانحة للاستفادة القصوى من القراءة، فهي أنسب وسيلة لزيادة المعرفة، وزيادة القدرات الإبداعية والتفكيرية والشخصية.

خير جليس


تقول ماجدة بنت راشد المزروعي -خريجة كلية البيان بقسم الإذاعة والتلفزيون-: الجائحة منحتني متسعا من الوقت؛ مما أتاح لي القراءة بصورة أكبر، بالإضافة إلى الاستمتاع بقراءة الكتب، ويستطيع الطالب تنمية قراءته تدريجيا؛ حيث يمكنه البدء بقراءة مجلة أو أي كتاب تكون في مجال اهتمامه، ومن ثم يمكنه التعمق في ذلك، وتؤكد عبير بنت عبدالله البادي- باحث قانوني ـ أنها استغلت فترة الفراغ خلال جائحة كورونا وشاركت في تحديات القراءة والتنافس بروح إيجابية مع مجموعات القُراء؛ مما خلق لها جوًّا رائعا للسعي دوما في إنهاء أي كتاب بكل شغف، وفي السياق نفسه، يرى حاتم بن عبد الرحمن القاسمي – طالب بجامعة السلطان قابوس بكلية الهندسة – أنه مع الحظر وكثرة الجلوس في البيت كانت القراءة خير جليس في معظم الوقت عوضا عن الجلوس دون فائدة تُذكر، وأفضل دليل على ذلك أنني قرأت منذ بداية الجائحة ٢٥ كتابا، وتقول ذكرى بنت علي السيابي -طالبة بجامعة السلطان قابوس بكلية التربية-: “القراءة ساعدتني خلال فترة الجائحة على معرفة المزيد عن الوباء وماهيته، فالقراءة مهمة في يومنا الحالي؛ لأنها تنمي عقل الطالب وتجعله أكثر انفتاحا حول ما يجري من حولنا”.

About the Author

Dnngo Company

بوابة أنوار الإخبارية