تحتاج النفايات العضوية الصلبة إلى إدارة رشيدة وواعية لأجل إقامة مدينة مستدامة يمكن العيش فيها وتمثل هذه الإدارة تحدياً كبيراً للعديد من البلدان نظراً لآثارها السلبية المحتملة على صحة الإنسان وكذلك على البيئة. تقدر النفايات الزراعية و”الحمأة” جزءًا لا يستهان به من كميات النفايات الصلبة المنتجة سنويًا في سلطنة عُمان. في الوقت نفسه، هذا النوع من النفايات الصلبة له العديد من الإمكانات إذ يمكن تحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية مع العديد من التطبيقات في مجالات الطاقة والزراعة والبيئة.
الحمأة هي مخلفات ناتجة عن معالجة وتنقية المياه سواء في مياه الشرب أو مياه الصرف الصحي، تكون عبارة عن مزيج من المادة الصلبة والمياه الملوثة. تنتج عن عمليات المعالجة المختلفة للمياه وتختلف صفاتها وتركيبها واسمها تبعاً لنوع ومرحلة المعالجة التي تسببت في إنتاجها.
د/صالح الجلالي
لدى مركز الدراسات والبحوث البيئية في الجامعة مشاريع بحثية لاستخراج الفحم الحيوي من المخلفات الزراعية والصناعية وإعادة استعمالها في الزراعة وفي الحفاظ على البيئة “معالجة المياه المستعملة والهواء الملوث”. يترأس المشاريع الدكتور صالح الجلالي- باحث أول بمركز الدراسات والبحوث البيئية في الجامعة بالتعاون مع الدكتور مالك بن محمد الوردي- أستاذ مشارك بقسم التربة والمياه والهندسة الزراعية في كلية العلوم الزراعية والبحرية.
كما يقوم المركز بدراسات مخبرية تهدف إلى إيجاد حلول صديقة للبيئة ومستدامة لإدارة هذه النفايات الصلبة. ويتم حالياً تحويل هذه النفايات -عبر تقنية الانحلال الحراري في غياب تام للأكسجين- إلى منتجين: الأول وقود حيوي يمكن تنقيته واستخدامه كمصدر للطاقة البديلة، والثاني فحم حيوي يمكن تثمينه في مجالات مختلفة مثل الزراعة والبيئة والطاقة. إذ أن لهذا الفحم الحيوي عدة خصائص فيزيائية وكيميائية واعدة تسمح بإعادة استخدامه في الزراعة كسماد صديق للبيئة ومنخفض التكلفة وأيضًا في البيئة كمنقي فعال للمواد الكيميائية الموجودة في كل من المياه المستعملة والانبعاثات الغازية. ويقع الآن دراسة إثراء هذا الفحم الحيوي، بعد تعديله، بكميات مهمة من العناصر الغذائية للنباتات مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم والكالسيوم لأجل استعماله لاحقاً كسماد عضوي عوضاً عن الأسمدة الصناعية.
وكذلك في الوقت نفسه يتم العمل على إنتاج فحم حيوي منشط ذي قدرة عالية تطهير المياه الصناعية المستعملة في المناطق الصناعية العمانية عوضاً عن استعمال الكربون المنشط الموجود في الأسواق بأثمان مرتفعة.
تجدر الاشارة إلى إن هذه المشاريع البحثية ممولة من جامعة السلطان قابوس ومن قطاع البحث العلمي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وكذلك من قبل المؤسسة العامة للمناطق الصناعية (مدائن). وستُمكن على المدى المتوسط والطويل من الادارة المستدامة والصديقة للبيئة للنفايات العضوية الصلبة وتعزيز الاقتصاد الأخضر والدائري. كذلك تتوافق هذه المشاريع مع رؤية عمان 2040 وخاصة الاتجاهات الاستراتيجية الآتية:
• التعليم الشامل والتعلم مدى الحياة والبحث العلمي الذي يؤدي إلى مجتمع قائم على المعرفة والمواهب الوطنية التنافسية،
• أنظمة بيئية فعالة ومتوازنة ومرنة لحماية البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية لدعم الاقتصاد الوطني.
أيضاً تتماشى مع المبادرات الدولية الأخرى مثل أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والمبادرة الدولية المتعلقة بمعدل النمو السنوي البالغ 4 في الألف لمخزونات الكربون في التربة.