ناقش قسم الهندسة المدنية والمعمارية بكلية الهندسة أطروحة بعنوان “تحديد مكونات الاستدامة في عُمان بناءً على التشاركية المجتمعية لتطوير نظام محلي لتقييم استدامة المباني”، للطالبة دانة بنت عبدالله العريمية، بإشراف الدكتور شهم العلوش وبالتعاون مع لجنة الأطروحة المكونة من الدكتور محمد صلاح والدكتور صالح الساعدي.
تعد هذه الأطروحة الأولى إذ استقبل هذا القسم – ضمن برنامج ماجستير العلوم في الهندسة المعمارية – الدفعة الأولى عام 2018.
تحاول هذه الدراسة فهم مكونات الاستدامة من وجهة نظر الفئات المعنية العمانية كجزء من محاولة أولى لتطوير نظام محلي لتقييم استدامة المباني بالاعتماد على المشاركة المجتمعية، وذلك عن طريق توظيف مصفوفة متداخلة من الطرق البحثية الجادة. وتسعى الدراسة إلى استخلاص مفهوم الاستدامة في البيئة المبنية من وجهة نظر الفئات المعنية من العمانيين وتحديد مكوناتها كما يرونها هم بشكل جمعي، والسعي لاستكشاف احتمالية وجود اختلافات ما بين الفئات المعنية بناءً على العوامل الاجتماعية والديموغرافية ومدى قوة وتأثير مجموعات الفئات المعنية والخبرة السابقة في المشاريع المستدامة.
تأتي أهمية هذه الدراسة من ارتباطها برؤية عمان 2040 التي تبنتها الحكومة الرشيدة لتحقيق مسعاها للوصول لتنمية مستدامة بما في ذلك استدامة البيئة المبنية. وبالرغم من التوجه نحو الاستدامة في المباني، نجد بأن التطور في هذا المحور بطيء نسبيًّا مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي، إذ سبقت هذه الدول بإدخال أنظمة تقييم وتصنيف للمباني المستدامة ضمن أنظمتها. لكن معظم هذه الأنظمة التي اعتُمِدت بدول الجـوار تم تطويرها بناءً على هيكلية أنظمة عالمية لتقييم استدامة المباني كنظام الريادة في تصميم الطاقة والبيئة (LEED) مما قد يهمش نسبيًا الاعتبارات الاجتماعية والثقافية الخاصة بالمجتمع المحلي. وعلى الرغم من التوجه الحكومي نحو خلق بيئة مبنية مستدامة، فإننا نجد أن هنالك فجوة في فهم وجهة نظر الفئات المعنية العمانية وقيمها وتفضيلاتها وأولوياتها لتحقيق بناء مستدام، إذ إن الجهود السابقة في هذا المجال لم تستطرد في البحث عن مكونات الاستدامة في البيئة المبنية كما تراها الفئات المعنية المحلية، بما في ذلك المستخدمون النهائيون للمبنى، وقد شكل هذا عقبة رئيسية في مسيرة تطوير نظام محلي لتقييم استدامة المباني.
كما تضمنت عينة البحث 116 شخصًا عمانيًّا من كافة الفئات المعنية والديموغرافية، تم بعد ذلك تحليل البيانات التي تم الحصول عليها بالخطوات السابقة إحصائيًا واستنتاجيًا.
وجدت الدراسة أنه هناك 27 مصطلحًا تُشكل المكونات الأساسية للاستدامة في المباني بالنسبة لعينة البحث من بين 234 مصطلحًا فريدًا تم التوصل إليه. وتم تصنيف هذه المصطلحات توافقيًّا إلى أربع مجموعات من قبل ممثلي الفئات المعنية؛ إذ تم الإجماع على منح هذه المجموعات عناوين بناءً على المصطلحات المصنفة تحت كل مجموعة. تمثل هذه المجموعات الأربعة والمصطلحات الـ 27 هيكلية لتطوير نظام محلي لتقييم استدامة المباني خاص بالسلطنة.
إضافة لذلك، أظهر التحليل الإحصائي الاستنتاجي أن هنالك فروقًا مرتبطة بمستوى الإلمام المعرفي بالاستدامة وبعض العوامل الاجتماعية والديموغرافية. كذلك أظهرت التحليلات أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى المعرفة بالاستدامة بين مجموعات الفئات المعنية، مما يشير بدوره إلى أن أولئك الذين لديهم القدرة على التغيير والتأثير ليس بالضرورة لديهم معرفة أفضل حول الاستدامة من الأشخاص الأقل تأثيرا، وعليه تدعو هذه الدراسة إلى اتخاذ إجراء فوري لبدء برنامج واسع النطاق لتعزيز المعرفة والممارسات المستدامة بين جميع الفئات المعنية في البيئة المبنية بما في ذلك صانعي السياسات. كما توفر نتائج هذه الأطروحة هيكلًا قائمًا على الأدلة البحثية لتطوير نظام محلي لتقييم استدامة المباني بناءً على الفهم الجمعي للفئات المعنية من العمانيين وقيمهم وتطلعاتهم. ضمت لجنة المناقشة كلا من: الدكتور مدحت عوض الله (رئيسا) الدكتور شهم العلوش (مشرفًا) – الدكتورة حنان الجابرية (ممتحنًا خارجيًّا) – الدكتور إسلام سلام (ممتحنًا داخليًّا) وقد أجازت اللجنة هذه الدراسة لتمنح الطالبة دانة العريمية درجة الماجستير في الهندسة المعمارية.