X638311283768843821

 

 


 

 

Banner-02

 

مخاطر مناخية تهدد الغذاء!

بالتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة لإعلان اتفاقية باريس للمناخ، تحدث الدكتور إسماعيل بن محمد البلوشي، أستاذ مشارك في تخصص ميكروبيولوجي الأغذية وسلامة الغذاء بجامعة السلطان قابوس، عن “سلامة الغذاء وتغير المناخ: تحدٍّ جديد لغذاء آمن”.. فماذا قال؟

 

حالة “الطوارئ المناخية”:


بدأ الدكتور البلوشي حديثه قائلًا: “في الوقت الذي دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع دول العالم، السبت الماضية، إلى إعلان حالة “الطوارئ المناخية”، التقى زعماء دول العالم في قمة افتراضية بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لإعلان اتفاقية باريس للمناخ، والتي لم يقدموا خلالها سوى تعهدات متواضعة في معظمها بالنسبة لحجم الأزمة”!.

 

 

المناخ يهدد الغذاء:


ثم أضاف: “يعد الغذاء أحد أنظمة هذا الكون الذي امتد إليه تأثير تغير المناخ، الذي أصبح خطرًا آخر يضاف إلى مخاطر عدة تهدد سلامة الغذاء. وفي تقرير سابق لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) صدر في 2008؛ وضعت المنظمة الدولية بعض التصورات لتأثير تغير المناخ المحتمل على سلامة الغذاء”.

 

وبيّن قائلا: “من تلك التصورات: زيادة درجة حرارة الأرض في المتوسط بين 1.8 إلى 4 درجة مئوية في القرن الحادي والعشرين، وزيادة معدلات الأمراض ذات المنشأ الغذائي واتساع رقعة انتشارها جغرافيًا، كذلك زيادة مقاومة بعض البكتيريا، واحتمالية زيادة القوة التنافسية لبعض البكتيريا الممرضة مثل: السالمونيلا والأشيرشيا كولاي، إضافة إلى احتمالية توفير البيئة البحرية المناسبة لظاهرة تكاثر وازدهار العوالق النباتية المعروفة محليًّا بالمد الأحمر، وتحول الزئبق إلى الزئبق الميثيلي واستهلاكه من قبل الأسماك نتيجة لارتفاع درجة حرارة المحيطات”.

 

الفاو 2020 والمناخ:


وتطرق الدكتور إسماعيل إلى تقرير الفاو في عام 2020، وقال: “فيه أوضح الفاو الجوانب المختلفة لتأثير تغير المناخ على فرص الحياة على كوكب الأرض، وبدأت المنظمة الدولية توضح تلك التغيرات بأرقام وحقائق أكثر تنبيهًا وتوضيحا وأشد تذكيرًا؛ لعل الإنسانية جمعاء توقف نزيف تغير المناخ نتيجة لنشاطها المفرط في البيئة!”.

 

وأردف: “إن التقرير الأممي يشير إلى أن تغير المناخ سيؤثر على كيفية طرق انتقال، وبقاء ومواسم انتشار الميكروبات ذات المنشأ الغذائي. ولقد لوحظ بالفعل ارتباط زيادة درجة الحرارة الشهري بالأمراض الغذائية ذات المنشأ الميكروبي في بعض الدول كأستراليا مثلا”.

وأضاف: “فضلا عن ذلك فإن تحليل نتائج انتشار الأمراض ذات المنشأ الغذائي في جمهورية كوريا مثلًا يقترح وجود علاقة إيجابية قوية بين تغير درجة الحرارة والرطوبة النسبية والميكروبات المسببة لتلك الأمراض مثل: ايشيرشيا كولاي، سالمونيلا، فيبريو باراهيمولايتكم، كمبيلوجيجوني، وباسيلس سيريس. كما تشير بيانات جمهورية ألمانيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية إلى ارتباط التسمم الغذائي الناشئ عن سالمونيلا وكمبيلوباكتر جيجوني بزيادة درجة حرارة الغرفة”.

 

ميكروبات التسمم الغذائي:


وتحدث الدكتور البلوشي عن هذه الميكروبات وعلاقتها بالتسمم، قائلا: “يعد السالمونيلا وكمبيلوباكتر جيجوني من أكثر الميكروبات التي سببت التسمم الغذائي في كثير من دول العالم في الفترة الأخيرة، لذلك أخذ حيزًا واهتمامًا كبيرا من قبل الباحثين حول تأثير تغير المناخ على هذين الميكروبين”.

 

وبيّن: “ففي دراسة وجد الباحثون أن زيادة درجة حرارة الغرفة الأسبوعي بمعدل درجة واحدة أدت إلى زيادة حالات التسمم الغذائي بسبب سالمونيلا بمعدل 5-10% في كثير من دول الاتحاد الأوروبي، بينما في الولايات المتحدة الأمريكية وجد الباحثون أن زيادة الحرارة بمعدل واحد من درجات الحرارة أدت إلى زيادة الخطورة من التسمم الغذائي الناتج عن سالمونيلا بمعدل 4%، أما في أستراليا فقد توقع الباحثون زيادة الإصابة بسالمونيلا بنحو 50% بحلول 2030 نتيجة لزيادة درجة الحرارة إن لم تتخذ الإجراءات الكفيلة للحدّ من تغير المناخ”.

وأضاف: “ويلاحظ من إحصاءات التسمم الغذائي على المستوى العالمي زيادة معدلات التسمم الغذائي بميكروب كمبيلوباكتر جيجوني في السنوات الأخيرة بعد أن كان محصورًا بأعداد قليلة في بعض الأغذية البحرية في الماضي. وقد فسر هذه الزيادة ببقاء الحشرة التي تنقل هذا الميكروب لفترة أطول نتيجة لتغير المناخ. ويتوقع زيادة معدل الإصابة بهذا الميكروب بمعدل 23% في مدينة مثل مونتيريال بكندا بحلول عام 2055 إذا ارتفعت درجة الحرارة بـ 4.5 درجة مئوية عن معدلها الطبيعي”.

 

ظاهرة النينو والميكروبات:


ويشير الدكتور إسماعيل إلى أن هناك مجموع من الباحثين يفسرون الكثير من الكوارث في الطبيعة كالجفاف والتصحر والفيضانات والأعاصير بظاهرة النينو ذات تغير مناخي المنشأ.

 

وقال: “ولم يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الطبيعة فحسب بل امتد ليشمل انتشار الميكروبات المرضية أيضا. فقد وجد الباحثون زيادة حالات الكوليرا الناتجة عن ميكروب فيبريو كوليري في بعض مناطق آسيا وأفريقيا خلال الكوارث الناتجة عن ظاهرة النينو. وتعد بعض الأغذية البحرية الصدفية الملوثة إحدى أهم نواقل هذا الميكروب من بعض مصادره كالإنسان؛ ويمكن تفسير ارتباط ظاهرة النينو بالكوليرا من خلال انجراف البيئة وما تحمله من روث الإنسان والحيوان إلى شواطئ البحار والمحيطات نتيجة الأعاصير والفيضانات. كذلك تعد ظاهرة ازدهار العوالق النباتية في البحار أحد العوامل التي تؤدي إلى زيادة أنواع معينة من ميكروب الفيبريو في البيئة البحرية الشاطئية”.

 

طفيليات مجهرية خطيرة:


كذلك تحدث الدكتور إسماعيل عن الطفيليات وتهديدها للغذاء قائلا: “إن الطفيليات المجهرية تشكل خطرًا آخر يهدد سلامة الغذاء ولاسيما الخضروات الورقية. وقد بدأ تأثير هذا الخطر يظهر جليًا في إصابة المئات في الدول الغربية بمشاكل معوية سنويًا، الأمر الذي جعل بعض الدول تتخذ إجراءات صارمة لتقليل مخاطر هذه الطفيليات قبل أن تصل إلى الإنسان لاسيما عند إنتاج الخضروات الورقية، حيث تعد مياه الري الملوثة بروث الإنسان أهم ناقل لهذه الطفيليات”.

 

وأردف قائلا: “وتشير إحصاءات الأمراض الطفيلية في بعض الدول مثل: نيوزلاندا والولايات المتحدة الأمريكية، إلى وجود علاقة إيجابية بين زيادة درجة الحرارة ومعدل هذه الأمراض. فضلا عن ذلك، فقد وجد الباحثون في الولايات المتحدة المكسيكية أن ارتفاع درجة الحرارة بمعدل 0.6 درجة مئوية ارتبط بزيادة أحد الأمراض الطفيلية في 21 ولاية بين أعوام 2000 و2006م”.

 

الزئبق الميثيلي وغذاء البحر:


وأشار البلوشي ختامًا إلى أن الزئبق الميثيلي أحد أهم المعادن الثقيلة التي تهدد سلامة الأغذية أيضًا لاسيما البحرية منها. وقال: “يوجد الزئبق في البحار والمحيطات نتيجة للنشاط البيئي والإنساني المختلف، ويتحول إلى صورته الأشد سمية وهو الزئبق الميثيلي بفعل عدة عوامل كالبكتيريا مثلا. لكن وجد في السنوات الأخيرة أن تغير المناخ يلعب دورًا مهمًا في هذا التحول أيضًا؛ إذ وجدت دراسة أجريت في 2005 أن تسخين المحيط بمعدل 0.4 إلى 1 درجة مئوية سهل تحويل الزئبق وإنتاج الزئبق الميثيلي بتركيز تراوح بين 1.7% و4.4% حول جزر الفارو، وعلى ضوء هذا التأثير يتوقع زيادة الزئبق الميثيلي في مختلف أنواع الأسماك بمعدل 3-5% لكل زيادة في درجة حرارة المياه، وأصبح هذا التوقع واقعًا، فقد وجدت دراسة أجريت في 2016 م ارتباط زيادة الزئبق الميثيلي في إحدى الأسماك الأوروبية بزيادة الحرارة”.

 

 

About the Author

علي الخياري

علي الخياري

محرر محتوى