ترجمة: ميعاد الكحالي
كان تقلب أسعار النفط دائما حاضرا منذ ظهور صناعة النفط، وحسبما صرح الدكتور أنس فيصل الحجي -اقتصادي متخصص في مجال الطاقة- أنه بالرغم من تأثير العوامل الاقتصادية والكوارث الطبيعية وغيرها من العوامل في أسعار النفط؛ فإن العوامل السياسية هي أكثر العوامل تأثيرا في سعر النفط العالمي، وجاء هذا التصريح خلال محاضرة عن السياسة والنفط نظمها مكتب التعاون الدولي في قاعة المؤتمرات في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية مؤخرا، وأشار إلى أن سوق النفط العالمي ليس تنافسيا وهو بحاجة إلى إدارة، ويتحقق ثبات الأسعار عندما تدير دولة مثل الولايات المتحدة أو منظمة مثل منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” السوق العالمي، في حين ينتج التذبذب الشديد في الأسعار عندما لا يدير أحد سوق النفط، وعند الرجوع إلى تاريخ أسواق النفط، يتضح أنه بمجرد انتهاء احتكار النفط لبعض الوقت، يظهر نوع آخر من الاحتكار ويبدأ بالتحكم في سوق النفط وأسعاره العالمية.
وفي حديثه لخص الحجي أهم الحقب في تاريخ سوق النفط العالمي من عام 1972 إلى الوقت الحالي، وتشمل العوامل التي أثرت في أسعار النفط على مر السنين حصار النفط في عام 1973 والثورة الإيرانية في عام 1979 والحرب العراقية الإيرانية في المدة من 1980 حتى 1988 واحتلال الكويت عام 1990 والأزمة المالية الآسيوية التي اجتاحت جزءا كبيرا من شرق آسيا بدءا من شهر يوليو عام 1997، وتعد ثورة الغاز الصخري التي بدأت في 2010 والربيع العربي والعقوبات المفروضة على إيران من أحدث العوامل التي أثرت على سوق النفط في السنوات الأخيرة، وهذه الثورة التي تمثل تركيبة تجمع بين التوسيع الهيدروليكي والحفر الأفقي مكنت الولايات المتحدة من زيادة إنتاجها من النفط والغاز الطبيعي بصفة كبيرة، خاصة من تشكيلات النفط الضيقة والتي تشكل الآن 36 بالمائة من إجمالي إنتاج النفط الخام الأمريكي، ولكن الحجي وضح أن النفط الخام المستخرج من الصخر الزيتي عموما أخف بكثير من النفط التقليدي، وأنه لا يمثل النوع الذي تطلبه مصافي النفط في العالم، إذ تركز الطلب على المنتجات الثقيلة كزيادة الطلب على الديزل وانخفاض الطلب على البنزين، وما إن تبدأ جودة النفط الخام بالحد من نمو إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة نتيجة قلة الطلب عليه من المصافي، سينتهي بنا المطاف في انخفاض إمدادات النفط وارتفاع استهلاكه.
يعد الدكتور أنس بن فيصل الحجي اقتصاديا متخصصا في مجال الطاقة وباحثا وكاتبا ومتحدثا لأكثر من 900 ورقة عمل ومقالات وأعمدة تضاف إلى رصيده، وكذا ركز على توقعات سوق النفط والغاز وفاعلية الجيوسياسية وأمن الطاقة وتأثير التكنولوجيا الهدامة في عرض الطاقة والطلب عليها.